تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة وبأمانة الدكتور هشام عزمى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، أقام المجلس الأعلى للثقافة مائدة مستديرة بعنوان “الإعلان العالمى لحقوق الإنسان”، وذلك احتفاءً باليوبيل الماسى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، الذى اعتمدته منظمة الأمم المتحدة منذ خمسة وسبعين عامًا، تحديدًا فى العاشر من ديسمبر عام 1948م، وأدار المائدة المستشار خالد القاضى رئيس محكمة الاستئناف بالقاهرة، وشارك فيها نخبة من المثقفين والأكاديميين ورجال الدين من بينهم: الدكتور هشام عزمى؛ الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور أحمد رفعت؛ أستاذ القانون الدولى العام، ونيافة الأنبا أرميا؛ الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، والمستشار بدر الطويل رئيس الإدارة المركزية للشؤون القانونية بوزارة الثقافة، والدكتور جميل حبيب عضو مجلس الشيوخ، والدكتور حسن عبد الحميد؛ عميد كلية القانون بالجامعة البريطانية، والإعلامية دينا عبد الكريم؛ عضوة مجلس النواب، والمستشارة رشا الشنوانى؛ نائبة رئيس هيئة النيابة الإدارية، والدكتور عبد الله المغازى؛ أستاذ القانون الدستورى، والمستشار عصام شيحة؛ رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، والدكتور عمرو الوردانى؛ أمين الفتوى ومدير التدريب بدار الإفتاء، والدكتورة نهى بكر؛ أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، والمستشار نير عثمان؛ وزير العدل الأسبق، والسفيرة مشيرة خطاب؛ رئيسة المجلس القومى لحقوق الإنسان، والدكتورة هالة رمضان؛ رئيسة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية.
بدأت المائدة بعرض فيلم وثائقى تناول بداية إصدار الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والأجواء العالمية آنذاك، ثم علق المستشار خالد القاضى على هذا الفيلم الوثائقى موضحًا أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العمومية للأمم المتحدة فى ديسمبر عام 1948م جاء نتيجة لما عانته أوصال العالم من ويلات ومآسى جراء الحرب العالمية الثانية، وعقب انخماد نيران الحرب وتدشين منظمة الأمم المتحدة، تعهد المجتمع الدولى بعدم السماح مرة أخرى بتكرار حدوث مثل هذه الفظائع التى ارتكبت إبان الحرب، وأضاف أن قادة العالم قرروا آنذاك تكملة تدشين الأمم المتحدة وميثاقها، بواسطة وضع خريطة طريق تضمن حقوق الجميع، واستكمل القاضى مشيرًا إلى أن لجنة حقوق الإنسان كانت تتألف من 18 عضوًا يمثلون شتى الخلفيات السياسية والثقافية والدينية، وكان اجتماع اللجنة لأول مرة عام 1947، وصيغ الشكل النهائى للإعلان العالمى لحقوق الإنسان وتم اعتماده فى العاشر من ديسمبر عام 1948م.
ثم تحدث الدكتور هشام عزمى مشيرًا إلى أن الهدف من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان وهو تعزيز العدالة والسلام، وحماية الكرامة الإنسانية فى جميع أنحاء العالم، حيث يتعين على الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة احترام وتعزيز حقوق الإنسان الموجودة فى هذا الإعلان، وتشجيع الفهم والتقدير العالمى لها، وأكمل حديثه موضحًا أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان يتألف من ثلاثين مادة تتعلق بحقوق وحريات إنسانية أساسية تنطبق على جميع البشر دون تمييز، مثل الحق في الحياة، والحرية والأمان الشخصى وكذلك الحق فى العمل والتعليم وكافة الحقوق السياسية مثل حق التعبير والمشاركة الحياة السياسية، كما أن أهم تلك الحريات هى تعزيز الكرامة الإنسانية وتوفير إطار للعدالة والمساءلة، وكذلك حفظ الأمن والسلم العالميين، مما ينعكس بدوره على تعزيز التنمية المستدامة، وحماية الأفراد والمجتمعات الضعيفة، وفى مختتم كلمته أكد عزمى أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان نصَّ على احترام حقوق المدنيين أثناء الحروب، وذلك أمر إنسانى فى المقام الأول قبل أن تتضمنه مبادئ حقوق الإنسان، وأشار كذلك إلى تضمنه مبادئ تنص بوضوح على عدم استهداف المدنيين، وتجنب استخدام الأسلحة ذات الأثر التدميرى الكبير، وحماية المؤسسات الحيوية، واحترام حق التنقل، وتوفير المساعدات الإنسانية، والتعاون مع الهيئات الإنسانية، واختتم عزمى كلمته متسائلًا: أين نحن من كل ذلك الآن؟
ثم تحدث الدكتور عصام شيحة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن أهمية الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى أنه جاء نتاجًا لتكاتل أصحاب الضمائر منذ سبعة عقود، حينما قاموا بوضع أول وثيقة لمبادئ حقوق الإنسان لها القدرة على أن تنشئ إطار عام عابر للحدود والبلاد، وقد صدرت منه مواثيق دولية لكل بلدان العالم، وأضاف شيحة أن ما يحدث الآن فى غزة بعيدًا كل البعد عن كل المواثيق الدولية والقيم الإنسانية، وأشار أن الدولة المصرية قامت بتضمين الاتفاقيات والمواثيق الدولية كافة فى الدستور المصرى، وكذلك نقلت بعضها الخارجية المصرية، كما قامت بتعديل قانون السجون، التى باتت تدعى: “مراكز التأهيل والإصلاح” مع استحداث توصيف السجناء بالنزلاء، كما قامت أيضًا ببعض التعديلات التشريعية، متبنية استراتيجية للتنمية المستدامة نحو بناء مجتمع عادل يتميز بالمساواة، وتم إعادة تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان برئاسة السفيرة مشيرة خطاب، وكذلك توقف استمرار حالة الطوارئ بقرار من الدولة، وتمكين المرأة المصرية من نيل حقوقها كافة، وإنشاء لجنة للعفو الرئاسى، بجانب قيام الدولة المصرية بعدد من المبادرات مثل: حملة 100 مليون صحة، وحياة كريمة وغيرها.
وعن كيفية تحقيق الحريات والحقوق فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان تحدث المستشار عبد العزيز سلمان، موضحًا أن الإنسان مرهون بحقوقه وإنسانيته؛ فإن درجة حصوله على حقوقه هى المؤشر الذى نستطيع من خلاله تقييم رقى المجتمعات، وعن حقوق الإنسان أوضح أن هناك حقوق مدنية مثل الحق فى الحياة والتنقل والتعبير وليس للدولة فى هذا الحق سوى السماح فقط، أما الشق الآخر من الحقوق يدور حول ما لابد من تدخل الدولة فيه مثل الفقر والجوع والمرض، ولن تستطيع أى دولة أن ضمان الوفاء بكل تلك الحقوق مرة واحدة ولكن يتم هذا بالتدريج وفقًا لإمكانياتها، وعمق مسئوليتها أمام مواطنيها، وأكد سلمان أن الحرية لا يمكن أن تكون مطلقة، وكذلك أكد على ضرورة أن يكون هناك توازن بين الحرية والمصلحة العامة.
فيما تحدث نيافة الأنبا أرميا رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، ودارت كلمته حول الإنسان وقيمته فى الأديان كافة؛ حيث أكد أن الإنسان قد كُرِمَّ فى كل الأديان السماوية، وكذلك منحه الله حقه فى الحياة بسلام ومحبة؛ فلا شك أن الله هو من وهب الإنسان الحياة، وهو وحده الذى يقرر متى يغادر هذا الإنسان تلك الحياة، وأضاف أن كل القوانين والشرائع نهت الإنسان عن القتل، ولو نظرنا إلى فضيلة العدل والسلام والحق فى الحياة سنجد إنها مبادئ وقيم إلهية قبل أن تكون مبادئ وتشريعات دنيوية.