كتبت: دعاء سيد
سورة الكهف هي السورة رقم (18) في المصحف الشريف، وهي سورة مكية، عدد آياتها (110) آية وقد سُمّيت بهذا الاسم لورود قصة أصحاب الكهف فيها، وهم الفتية الذين آمنوا بربهم وفرّوا بدينهم إلى الكهف، فأنامهم اللُّه سنين عددًا وتتناول السورة أربع قصص رئيسية وهى : قصة أصحاب الكهف؛ لتثبيت المؤمنين على الحق، وقصة صاحب الجنتين؛ لبيان زوال الدنيا وغرورها، وقصة نبيُّ اللّٰه موسى -عليه السلام- والخضر؛ لتعليم التواضع وحكمة القضاء الإلهي، وأخيرًا قصة ذو القرنين، وهى نموذجًا للحاكم العادل.
ورد في السنة النبوية الشريفة أحاديث صحيحة تدل على فضل عظيم لقراءة سورة الكهف في يوم الجمعة، منها: عن أبي سعيد الخدري -رضى اللُّه عنه- أن النبيَّ (ﷺ) قال:”من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين.”(رواه الحاكم وصححه الألباني)، وعن النبيِّ (ﷺ) قال:”من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال.”(رواه مسلم)، وهذا يدل على أن لسورة الكهف نورًا يهدي صاحبه وبركة تحفظه من الفتن، ومن أخطرها فتنة المسيح الدجال، وهي أعظم فتنة تمر على البشرية.
يوم الجمعة هو خير أيام الأسبوع وفيه ساعة إجابة، وقد خصّ الإسلام هذا اليوم بعبادات وأذكار وقراءات خاصة، وكان من سنن النبيِّ (ﷺ) أنه يكثر من قراءة سور معينة فيه، منها سورة الكهف؛ لأن مضامين السورة تتناسب مع ما في يوم الجمعة من تذكير بالموت والبعث والقيامة، فقصص السورة مليئة بالعبر والدروس ومن أهمها، أهمية الثبات على العقيدة، وخطورة الاغترار بالدنيا، وضرورة طلب العلم بتواضع، وعدل الحاكم في إدارة الأرض.
قراءة سورة الكهف يوم الجمعة تُنير قلب المؤمن وبصره وبصيرته، كما جاء في الحديث:”أضاء له من النور ما بين الجمعتين”، وفي رواية أخرى: “ما بينه وبين البيت العتيق”، وكأن هذا النور حماية إلهية للمؤمن طوال الأسبوع من الانزلاق في الفتن والضلال، قال اللُّه -تعالى-:{نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى}(الكهف: 13)، هذه الآية تبرز أهمية الثبات على الإيمان حتى في سن الشباب، وقال اللُّه -تعالى-:{واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء…}(الكهف: 45)، في هذه الآية الكريمة تشبيه بليغ يفصّل زوال الدنيا وضعفها مهما بدت مزدهرة، وأيضًا قال اللُّه -تعالى-:{وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا}(الكهف: 79)، وهذا دليل على أن ما يبدو شرًا أحيانًا قد يحمل في طياته خيرًا عظيمًا.
المواظبة على قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة من السنن العظيمة التيّ تحمل للمؤمن نورًا وهدى وحماية من الفتن، فهي سورة جامعة للعبر، تغذي القلب وتنير البصيرة وتربط العبد بخالقه.