كتبت : دينا سيد نجم الدين
الشخص الذي يعاني من فرط التفكير لا يتوقف عقله عن العمل، حتى وهو نائم. يعيش في دوامة لا تنتهي من الأفكار، وغالبًا ما تكون سلبية وعميقة. أثناء مشاهدة فيلم، أثناء الاستحمام، أثناء تناول الطعام، حتى وهو يصلي—دائمًا هناك سيل لا ينقطع من الأسئلة والشكوك.
في بعض الأحيان، يشعر وكأن هناك مطرقة تدق مساميرًا داخل رأسه بسبب تسارع الأفكار، مما يدفعه إلى الدخول في حالة من الهوس. بعد جرعة زائدة من التفكير، تتولد لديه رغبة شديدة في الكلام، فيتحدث بسرعة، ويعيد نفس المواضيع مرارًا وتكرارًا، ليس لأنه لا يمل، ولكن لأن عقله لا يكف عن تحليل الأمور من زوايا مختلفة كل يوم.
قلق دائم وشكوك لا تنتهي
في العلاقات، يكون دائم القلق، يطرح على نفسه أسئلة بلا توقف:
هل أخطأت؟
هل أصدقائي يحبونني؟
هل شريكي ما زال يحبني؟
لماذا كان معتادًا على الاتصال بي وتوقف فجأة؟ هل أخطأت في شيء؟
وإن لم يتلقَ ردًا على رسائله، يحاول الصبر، لكنه في النهاية يستسلم لدوامة الأفكار:
هل هو مريض؟
هل حدثت له مشكلة؟
هل لم يعد يريدني في حياته؟
تخيّل حجم الألم عندما يترجم تصرفات الآخرين على أنها إشارات رفض أو تخلٍ، رغم أنها قد تكون مجرد انشغال عادي. وعندما يحاول الاطمئنان، قد يُنظر إليه على أنه يُلحّ أو يتدلل أو “يزنّ”، بينما هو في الحقيقة بحاجة إلى كلمة واحدة فقط لتهدئته حتى يستطيع النوم.
بين الفهم والخذلان
هناك طريقتان للتعامل مع هذا الشخص:
1. إما أن تفهمه، فتكون مصدر أمان له، فيقدّرك بشدة، لأن القليلين فقط يستطيعون ذلك.
2. أو أن لا تفهمه، فتشعر بأنه عبء، فيبتعد عنك، رغم حبه لك، لأن إحساسه بأنه “ثقيل” يؤذيه أكثر من أي شيء آخر.
المفتاح: الأمان
هذا الشخص يحتاج إلى الأمان. كلما اجتاحته فكرة سلبية، يحتاج إلى تأكيد بسيط بأن كل شيء على ما يرام. ومع الوقت، يمكنك أن تتعرف على السيناريوهات التي تدفعه إلى التفكير المفرط. عندما يسألك:
“هو أنا وحشتك؟”
“إنت زعلان مني؟”
“فينك مختفي؟”
“إنت متغير معايا؟”
فهو لا يبحث عن إجابة معقدة، بل عن طمأنة صادقة. في بعض الأحيان، مكالمة قصيرة، رسالة، أو حتى “لايك” بسيط على منشور كفيلة بإزالة مئات الأفكار السلبية من عقله.
هو لا يحتاج إلى الكثير، فقط إشارة صغيرة تخبره أنه لا يزال في قلبك، وأن مخاوفه لا أساس لها.