عبادة الحمد ترتقي بالنفس وتعظم النعم

كتبت: دعاء سيد

الحمد للِّه كلمة صغيرة في عدد حروفها، عظيمة في معانيها وآثارها، فهى ليست مجرد كلمات تخرج من اللسان؛ بل هي شعور يغمر القلب بالرضا والشكر والثناء على اللِّه -عز وجل-، كثيرًا ما نردد هذه الكلمة في حياتنا اليومية، لكنها أحيانًا قد تتحول إلى عادة تفقد معناها الحقيقي، فهل نقول “الحمد للِّه” بكلِّ يقينٍ وصدق في السراء والضراء؟

الحمد للِّه هو اعترافٌ بفضل اللِّه وشكره على نعمه الظاهرة والباطنة، وقد ابتدأ اللُّه -سبحانه وتعالى- كتابه العظيم بهذه الكلمة العظيمة في قوله -تعالى-:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة: 2)، فالحمد هو أول ما ينبغي للعبد أن يبدأ به حياته ويومه وأعماله، وأول ما يتوج به دعواته وصلواته.

الحمد للِّه يعبر عن عبودية القلب للِّه، وعن اليقين الكامل بأنّ كلَّ ما نحن فيه من نعمٍ هو من عند اللِّه -تعالى- وحده، ولهذا قال رسول اللّٰه (ﷺ): “الحمدُ للهِ تَملأُ الميزانَ” (رواه مسلم)، مما يشير إلى عظمة هذا الذكر في موازين أعمال العبد يوم القيامة، ويحثنا الإسلام على شكر اللِّه وحمده في كلِّ الأحوال، سواء في أوقات السراء عندما تغمرنا النعم، أو في أوقات الضراء عندما نواجه المصاعب، يقول النبيُّ (ﷺ): “عجبًا لأمرِ المؤمنِ، إنَّ أمرَه كلَّه خيرٌ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ؛ إنْ أصابَتْهُ سرَّاءُ شكَرَ فكان خيرًا له، وإن أصابَتْهُ ضرَّاءُ صبَرَ فكان خيرًا له” (رواه مسلم).

الرضا بحكمة اللِّه وحمده في كلِّ الأحوال يولد شعورًا بالسكينة، ويعين المسلم على تجاوز المحن والصعاب برضى وثبات، فمن يحمد اللَّه -سبحانه وتعالى- يجد بركاتٍ عظيمة في حياته، فاللُّه -سبحانه وتعالى- وعد بالمزيد لمن يشكره ويحمده، فقال -تعالى-: {لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (إبراهيم: 7)، الحمد للِّه ليس فقط طريقًا لتضاعف النعم؛ بل هو أيضًا وسيلة لتحقيق الرضا الداخلي والسلام النفسي؛ لأنّه يجعل الإنسان متصلًا بربه، مطمئنًا بقدره.

ينبغي علينا أن نتفكر في النعم الكثيرة التيّ تحيط بنا، بدءًا من الصحة والعافية إلى النعم الروحية مثل الإيمان والقرآن، والتعود على ترديد “الحمد للِّه” بوعيٍ ويقين، وشكر الله لا يقتصر على القول فقط؛ بل يشمل العمل أيضًا، كما في قوله -تعالى-: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} (سبأ: 13)، ومهما كانت الظروف فالرضا هو أساس الحمد الصادق، ونتذكر دائمًا أنّ اللَّه -سبحانه وتعالى- يحب العبد الشاكر الحامد، ويضاعف له النعم في الدنيا والآخرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *