كتبت: دعاء سيد
عن أبي هريرة (رَضِيَ ٱللَّٰهُ عَنْهُ) قال: قال رسول اللّه(ﷺ) : “رجب شهر اللّٰه الأصم، وشعبان شهري، ورمضان شهر أُمتي، وشهر رجب لا يفترض صيامه شيء، وفي شعبانِ يترك الناس الصيام إلا ما ورد في الكتابِ، فإني إذا وليتم شعبان فلا تصوموا حتى تروا الهلال، فإذا رأيتموه فأفطروا يومًا أو يومين، ولا تقدموا رمضان””صحيح البخاري”.
شهر شعبان يظلّ واحدًا من الأشهرِ المهمة في التقويمِ الهجري، وهو فترة استعداد وتحضير قبل حلولِ شهر رمضان المبارك، يحمل هذا الشهر العظيم العديد من الفضائلِ والترتيباتِ التي قام بها النبيّ (ﷺ)، مما يجعله يستحق لقب “شهر رسول اللّٰه” ومع ذلك، يبدو أنّ الكثيرون يغفلون عنه في ظلّ بريق الشهور الأخرى.
يتسم شعبان بأهميةٍ خاصة، ولكن يبدو أنّ بعض الناس لا يولون له الاهتمام الكافي، في شعبان كان النبيّ(ﷺ) يزيدُ في العبادةِ والطاعة، وكان يصوم في شعبان بشكلٍ خاص، مما يُظهر التحضير والاستعداد الرَوحي لاستقبالِ شهر الصيام وفيه ليلة من أعظمِ الليالي وهي ليلة النصف من شعبان.
تُعد ليلة النصف من شعبان مناسبة خاصة، حيث يُظهر النبيّ(ﷺ) أهميتها بقيامِ ليلها وصيام نهارها والدعاء والاستغفار، حيث ورد عن رسولِ اللّٰه(ﷺ) أنّه قال: «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن اللّه -تعالى- ينزل فيها إلى السماءِ الدنيا فيقول ألَا من مستغفرٍ فأغفر له ألَا من مسترزقٍ فأرزقه ألَا من مبتلىٍ فأعافيه ألَا كذا ألَا كذا حتى يطلع الفجر» فهي فرصةٌ للتوبةِ.
قال رسول اللّٰه (ﷺ) : ” إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع اللّٰه إلى خلقهِ، فيغفر للمؤمنين، ويُملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه”.
“ورواه الطبراني”
ينبغي على العبدِ أنّ يتحلى بالطاعاتِ التي تؤهله لمغفرةِ الرحمن، وأنّ يبتعد عن المعاصي والذنوب التي تحجبه عن هذه المغفرة، وأيضًا تحويل القبلة كان في ليلةِ النصف من شعبان، وجاء استجابة لرغبةِ رسول اللّٰه (ﷺ)، فهي ليلةٌ من ليالي قبول الدعاء، وهي التي تحولت فيها القبلة إلى “الكعبةِ المشرفة” قال تعالىٰ: « قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا » (البقرة:١٤٤)
فجمعت خصائص التكريم والتعظيم، فالاحتفاءِ بها والتقرب إلى اللّٰه- تعالىٰ- فيها والدعاء أرجي للقبولِ لما ورد فيها من فضلٍ عظيمٍ وأجر كريم.
ختامًا، يمكن القول أنّ شعبان هو شهر رسول اللّٰه(ﷺ) بسبب التحضيرات والعبادات الخاصة التي كان يقوم بها النبيّ(ﷺ) في هذا الوقت؛ لذا يُحث المسلمون على الاستفادةِ القصوى من هذا الوقت لتعزيزِ التقوى وتعزيز الروح الدينية، شعبان ليس فقط فترة انتقال إلى رمضان وإنما فرصة للنموِ والتحسين الشخصي، فينبغي على الناسِ الابتعاد عن الغفلةِ والتفاعل الفعّال مع هذا الشهر الذي يحمل في طياتهِ الخير والبركة، فهذا الشهر الروحاني يجسد قيمًا عظيمة ويساعد في بناءِ أُسس قوية لاستقبالِ شهر رمضان بروحٍ منضبطة وطاعة.