كتبت: دعاء سيد
مع بداية عام جديد تتزامن مع حلول شهر رجب، يقف المسلم متأملًا في عظمة هذا الشهر الفضيل، فهو أحد الأشهر الحرم التيّ ذكرها اللُّه -تعالى- في كتابه العزيز، حيث قال -تعالى-: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} (التوبة: 36).
شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم التيّ حُرّم فيها القتال وجُعلت فيها النفوس مطمئنة إلى الأمان والسكينة، وقد بيّن النبيُّ (ﷺ) ذلك فقال (ﷺ):”إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اللُّه السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حُرُم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان”(رواه البخاري ومسلم)، وقد وصف النبيُّ (ﷺ) هذا الشهر بـ”رجب مضر”؛ ليؤكد أهميته ويزيل أي لبس في تحديده.
شهر رجب يعتبر فرصة للمسلم للاستعداد الروحي والنفسي لاستقبال شهر رمضان المبارك، فكما يقال، “رجب للزرع، وشعبان للسقي، ورمضان للحصاد”، فيجب الإكثار من ذكر اللِّه -تعالى- والاستغفار، فهذا الشهر هو فرصة للتوبة الصادقة والإكثار من الاستغفار والتضرع للِّه -تعالى-، مصداقًا لقوله -تعالى-:{وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} (آل عمران: 133).
ورد عن النبيِّ (ﷺ) الحث على الصيام في الأشهر الحرم، فعن أبي هريرة -رضى اللُّه عنه- قال:”أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل” (رواه مسلم)، والصدقة في هذا الشهر تعود على المسلم بمضاعفة الأجر والثواب، وهي دليل على محبة العبد للِّه -تعالى-.
الدعاء في شهر رجب من الأعمال المستحبة، ومن الأدعية التيّ يمكن أن تقال:”اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان” (رواه أحمد والطبراني)، فعليك باغتنام مواسم الطاعات واستثمار الأشهر الحرم في القرب من اللِّه -تعالى-، والتهيؤ النفسي لشهر رمضان والاستعداد له بزيادة الطاعات.
شهر رجب ليس مجرد شهر من الشهور؛ بل هو فرصة عظيمة لمراجعة النفس وتجديد العهد مع اللِّه -عز وجل-، فلنغتنم هذا الشهر الكريم بالعمل الصالح والتوبة الخالصة، حتى نصل إلى رمضان ونحن أكثر قربًا من اللِّه -تعالى- وأكثر استعدادًا لصيامه وقيامه.