كتبت: دعاء سيد
الدنيا دار عمل واختبار، والآخرة دار جزاء وحساب، ويدعونا الإسلام إلى محاسبةِ أنفسنا في الدنيا قبل أنّ نُحاسب يوم القيامة، فمحاسبة النفس تُعتبر من أهمِ وسائل تهذيب السلوك وتقوية الإيمان، وهي تذكير دائم بأننا سنقف أمام اللِّه -عز وجل- لنُسأل عن كلِّ صغيرةٍ وكبيرة، قال اللُّه -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (الحشر: 18).
عندما يُدرك الإنسان أنّ اللَّه -سبحانه وتعالى- يراقبه في كلِّ وقتٍ وحين، وأنّه سيحاسب على أعماله يوم القيامة، يصبح أكثر حرصًا على تجنبِ المعاصي والذنوب، قال رسولُ اللَّه(ﷺ): “اتق اللَّه حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلقٍ حسن” (رواه الترمذي).
محاسبة النفس تساعد المسلم على الاعترافِ بأخطائهِ وطلب المغفرة من اللِّه -عز وجل-، مما يُعزز علاقته بربهِ، قال اللُّه -تعالى-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
(النور: 31)، ومن خلال محاسبة النفس، يمكن للإنسان أنّ يُحدد نقاط الضعف ويعمل على تقويتها، قال رسولُ اللَّه(ﷺ): “الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على اللِّه الأماني” (رواه الترمذي).
اجعل من التأملِ اليومي عادة لمراجعة أعمالك وأفعالك، قال رسولُ اللَّه(ﷺ): “إن في الجسدِ مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” (رواه البخاري ومسلم)، سجل الأخطاء التيّ ارتكبتها خلال اليوم وفكر في كيفية تجنبها في المستقبلِ، قال اللُّه -تعالى-: {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى}
(الأعلى: 9).
ابدأ يومك بحديثٍ مع اللِّه -تعالى-، طالبًا منه المغفرة والتوجيه، قال رسولُ اللَّه (ﷺ): “كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون” (رواه الترمذي)، وحدد أهدافًا جديدة لتطويرِ نفسك وزيادة حسناتك، مثل قراءة القرآن والصدقة، ومساعدة الآخرين، قال رسولُ اللَّه(ﷺ): “من كان يؤمن باللِّه واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت” (رواه البخاري ومسلم).
محاسبة النفس ليست مجرد مفهوم نظري؛ بل هي ضرورة عملية لكلِّ مسلم يسعى إلى رضا اللَّه -سبحانه وتعالى- والتقرب منه، فلنجعل من محاسبة النفس عادة يومية، ولنستذكر دائمًا قول اللَّه -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}(التوبة: 119)، ونتذكر دائمًا أنّ بداية التغيير تبدأ من داخل النفس.