كتبت: دعاء سيد
إنّ تكبيرة الإحرام ليست مجرد لفظ باللسان؛ بل هي إعلان الدخول في حضرة اللِّه -عز وجل-، وخطوة أولى نحو الخشوع في الصلاة، فحين يقول العبد: “اللُّه أكبر” ينبغي أن يسبق قلبه لسانه، فتكون النية صادقة وخالصة لوجه اللِّه -عز وجل-، إذ هي الأساس الذي تُبنى عليه صحة الأعمال وقبولها.
النية هي روح العبادة وهي التيّ تميز العادة عن العبادة؛ لذلك قال النبيُّ (ﷺ):”إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى” (متفق عليه)،
فالعبد حين يقف بين يدي اللِّه -سبحانه وتعالى-، يجب أن يكون قلبه حاضرًا متوجهًا إليه -سبحانه وتعالى-، فقد قال اللُّه -تعالى-:﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ (البينة: 5)، فالإخلاص في النية يجعل العمل مقبولًا ويزيد من ثواب العبد.
عند بدء الصلاة بتكبيرة الإحرام، ينتقل العبد من عالم الدنيا إلى حضرة اللِّه -تعالى- وهذا يستلزم حضور القلب وتصفية النية، وقد ورد في الحديث الشريف:”إذا قمتَ إلى الصلاة فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا…” (متفق عليه)، فالصلاة ليست مجرد حركات؛ بل هي انقطاع عن الدنيا واتصال باللِّه -سبحانه وتعالى-؛ لذا ينبغي أن تكون النية خالصة منذ اللحظة الأولى.
الخاشع في صلاته هو الذي يسبق قلبه لسانه في تكبيرة الإحرام، فلا يكون لسانه في وادٍ وقلبه في وادٍ آخر، وقد مدح اللُّه -تعالى- الخاشعين في قوله -تعالى-:﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ (المؤمنون: 1-2)، فالخشوع ثمرة نية صادقة وقلب متصل باللِّه -عز وجل-، وليس مجرد ترديد كلمات دون وعي وإدراك.
تذكر عظمة اللَّه -سبحانه وتعالى- قبل التكبير، والتفكر في معنى “اللُّه أكبر”، وأنّه لا شيء أعظم منه، تجديد النية واستحضار أنك تناجي اللَّه -سبحانه وتعالى- فلا تجعل الصلاة عادة؛ بل عبادة، والاستعاذة من الشيطان قبل الدخول في الصلاة حتى لا يشوش عليك الأفكار، والتروي عند التكبير والنطق به بخشوع، وعدم التسرع فيه.
إنّ تكبيرة الإحرام بوابة الصلاة، ومدخل العبد إلى رحمة اللِّه -تعالى-، فليكن القلب أول من يدخل قبل اللسان، فإن سبق القلب اللسان في النية كانت الصلاة خاشعة ومقبولة، يخرج العبد منها بروحٍ طاهرة ونفس مطمئنة، كما قال النبيُّ (ﷺ):”إن العبد إذا قام يصلي، أُتي بذنوبه كلها فوُضعت على رأسه وعاتقيه، فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه” (صحيح ابن حبان)، فلنحرص أن تكون نيتنا خالصة للِّه -عز وجل-؛ ليكون كل تكبير بابًا للخشوع وكل ركعة خطوة نحو الجنة.