ثمرات الاستغفار

كتبت: دعاء سيد 

الاستغفار هو مفتاح الفرج وسبب لنزول الرحمات، ودواء لكلِّ همٍّ وغمٍّ وضيق، وقد قرن اللُّه -عز وجل- بين الاستغفار وبين العطاء والخير في الدنيا والآخرة، كما في قوله تعالى:﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ۝ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا ۝ وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾

(نوح: 10-12)، هذه الآيات الكريمة جاءت على لسان نبيِّ اللِّه نوح -عليه السلام- حين دعا قومه إلى الاستغفار، مبينًا لهم أن الاستغفار ليس فقط وسيلة لغفران الذنوب؛ بل هو أيضًا طريق للرزق والسعة والبركة.

الاستغفار في اللغة مأخوذ من “غَفَر” أي ستر وغطّى، وفي الشرع هو طلب المغفرة من اللِّه -عز وجل-، أي طلب ستر الذنوب والتجاوز عنها، وعدم المؤاخذة بها، والعبد المؤمن دائم الاستغفار، إذ يعلم أن التقصير ملازم للإنسان وأنّه لا نجاة إلا برحمة اللِّه -سبحانه وتعالى-.

الآيات الكريمة توضح أن الاستغفار سبب مباشر لنزول البركات، ومن هذه البركات”غفران الذنوب” ﴿إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾ أي أن اللَّه -سبحانه وتعالى- كثير المغفرة لعباده التائبين، يغفر الذنب مهما عظم، ما دام العبد صادقًا في توبته، “نزول المطر” ﴿يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا﴾، أي يرسل المطر الغزير النافع الذي يروي الأرض وينبت الزرع، وهذا دلالة على الرخاء الاقتصادي والاجتماعي، و”زيادة الأموال والبنين” ﴿وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾، فالاستغفار سبب في زيادة الرزق وتيسير الإنجاب وتوسيع سبل العيش، كما أخبر بذلك نبيّ اللّٰه نوح -عليه السلام-، أما “الجنات والأنهار”

﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾، أي تنالون النعيم في الدنيا وقد يشمل ذلك الجنة في الآخرة لمن أخلص في استغفاره وتوبته.

كما وردت أحاديث كثيرة تؤكد على فضل الاستغفار، قال رسول اللّٰه (ﷺ): “من لزم الاستغفار، جعل اللُّه له من كلِّ همٍ فرجًا، ومن كلِّ ضيقٍ مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب”(رواه أبو داود وابن ماجه)، وعن النبيِّ (ﷺ) أنه قال:”واللّٰه إني لأستغفر اللّٰه وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.”(رواه البخاري)، وفي الحديث القدسي عن اللِّه -سبحانه وتعالى-:”يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم.”

(رواه مسلم).

كان الحسن البصري يقول: “أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقكم وأسواقكم، فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة.”، وجاء رجل إلى الحسن يشتكي الجفاف فقال: “استغفر اللّٰه”، وآخر يشتكي الفقر فقال: “استغفر اللّٰه”، وآخر يشتكي قلة الولد فقال: “استغفر اللّٰه”، فتعجب الناس، فقال: “ما قلت شيئًا من عندي، إن اللَّه يقول: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ…﴾”.

الاستغفار باب عظيم من أبواب الخير، يفتح أبواب السماء ويجلب الرزق ويغسل الذنوب ويطمئن القلوب؛ فلنحرص على الاستغفار في كلِّ وقتٍ امتثالًا لأمر اللِّه -عز وجل- واتباعًا لسنة نبيه (ﷺ) وسعيًا لنيل بركات الدنيا والآخرة، قال اللُّه -تعالى-:﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾(الأنفال: 33).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *