بين سكون الفوضى وصمت الأمل

كتبت : دينا سيد نجم الدين أخصائي اضطرابات نفسية ومشكلات سلوكية للأطفال والمراهقين وإرشاد أسري

هناك لحظات نشعر فيها بالضياع، كأننا نعيش في مكان لا نعرفه، نتنفس الهواء لكنه لا يحيينا، نمشي في الطرقات لكننا لا نصل. لحظات نغترب فيها حتى عن أنفسنا، وكأن الروح تبحث عن بيتها المفقود.

الضياع ليس صخبًا كما نتصور، بل أحيانًا يكون سكونًا مرعبًا، صمتًا يبتلع أصواتنا الداخلية، فتصير الأسئلة أكبر من قدرتنا على الإجابة. نرى الفوضى حولنا، لكنها تتحول إلى لوحة صامتة، لا تقول شيئًا ولا تمنح يقينًا.

ومع ذلك، وسط هذا التيه، يولد الأمل في أكثر أشكاله هدوءًا. قد يأتي في كلمة عابرة من صديق، في ابتسامة غريبة من شخص لا نعرفه، أو حتى في لحظة صدق مع أنفسنا. الأمل لا يصرخ، بل يهمس. لا يقتحم، بل يتسلل بخفة، كأنه يريدنا أن نتوقف لنسمعه.

الضياع ليس دائمًا عدوًا، أحيانًا يكون المعلم الذي يقودنا إلى اكتشاف أنفسنا من جديد. ففي رحلة البحث عن الطريق، نتعلم أن لا شيء يكتمل إلا إذا مرّ بلحظة نقص، ولا معنى للعثور إلا إذا سبقته حيرة.

إن كنا اليوم في سكون الفوضى، وغدًا في صمت الأمل، فذلك لأن أرواحنا تعرف أن الحياة ليست خطًا مستقيمًا، وما دمنا نملك القدرة على البحث، فلن نضيع أبدًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *