بقلم أ.د. وليد توفيق، رئيس قسم تطبيقات الليزر، معهد الليزر، جامعة القاهرة.
وطن بلا أمية هو حلم يراود العديد من الشعوب والقادة عبر التاريخ، وهو هدف يسعى إليه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في سياق التنمية المستدامة التي تمثل طريق مصر نحو الرقي والازدهار. الأمية ليست مجرد عائق أمام تعلم القراءة والكتابة، بل هي حاجز يحول دون تحقيق الفرد لكامل إمكاناته، وعبء يثقل كاهل المجتمع بأسره.
في هذا الإطار، يعد القضاء على الأمية خلال عام واحد خطوة جريئة وطموحة، تتطلب تضافر جهود كل فئات المجتمع. فكرة فرض تكليف على كل خريج بتعليم 10 أفراد في فترة صيفية هي مبادرة مبتكرة تسهم في تحقيق هذا الهدف بكفاءة عالية. سيكون استخدام المدارس والجامعات كمراكز لمحو الأمية بشكل منظم خلال الإجازة الصيفية استغلالاً مثالياً للموارد والبنية التحتية التعليمية المتاحة.
من ناحية أخرى، يجب ألا نغفل عن أهمية التطور التكنولوجي في هذا المجال. تطوير خريجي الجامعات وفتح مبادرات لمحو أمية المتعلمين بالتكنولوجيا الحديثة يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في تعزيز قدراتهم ومهاراتهم. هذا لا يسهم فقط في القضاء على الأمية بأشكالها التقليدية والمعاصرة، بل يعزز أيضاً من فرص العمل ويقلل من معدلات البطالة، مما يساعد في بناء اقتصاد قوي ومجتمع مزدهر.
الاستثمار في التنمية المستدامة والموارد البشرية هو استثمار في المستقبل. بتنمية الموارد البشرية، تتجه مصر نحو تحقيق التنمية المستدامة والتفوق بين الأمم. القضاء على الأمية ليس فقط خطوة نحو تحسين مستوى التعليم، بل هو تعزيز للوعي الثقافي والاجتماعي، وخلق جيل قادر على المساهمة بفعالية في مسيرة التنمية الشاملة.
لتحقيق هذه الأهداف، يتطلب الأمر خطة عمل محكمة، تشمل تدريب المدرسين والمتطوعين بشكل فعال، وتوفير المواد التعليمية اللازمة، واستخدام التكنولوجيا بشكل مبتكر.
تشمل الجهود أيضاً تطوير برامج تعليمية تتوافق مع احتياجات المتعلمين في مختلف الفئات العمرية والثقافية، وإيجاد طرق تحفيزية تشجعهم على الاستمرار في التعلم.
تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص يعتبر عاملاً رئيسياً في نجاح هذه المبادرات، حيث يمكن للقطاع الخاص تقديم الدعم من خلال التبرعات، وتوفير التكنولوجيا، والمشاركة في تصميم برامج تدريبية متخصصة. كما أن تفعيل دور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية يسهم في توسيع نطاق الوصول إلى الفئات الأكثر حاجة وتقديم الدعم المناسب لهم.
التوعية المجتمعية حول أهمية القضاء على الأمية ودورها في التنمية المستدامة هو أمر ضروري. يجب تنظيم حملات توعية تستهدف جميع شرائح المجتمع، تسلط الضوء على الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لتعليم الكبار وتقضي على الأمية. الوعي بأهمية القراءة والكتابة يفتح الأبواب أمام فرص جديدة للفرد والمجتمع، ويمكن أن يحدث تغييراً إيجابياً في النظرة العامة نحو التعليم والتعلم المستمر.
في النهاية، القضاء على الأمية وتحقيق التنمية المستدامة يتطلب رؤية شاملة تجمع بين الإصرار السياسي، الابتكار في استخدام التكنولوجيا، تعزيز الشراكات، ومشاركة المجتمع بأكمله. من خلال العمل المشترك والتزام كل فرد بدوره، يمكن لمصر أن تتجه نحو مستقبل خالٍ من الأمية، حيث يكون التعليم الجيد حقاً للجميع، وركيزة أساسية لبناء وطن مزدهر ومتقدم يسير بثقة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.