المعلمه التي اكتشفت نفسية صغيري فانتصرت عليها

بقلم: دكتورة مروة رضوان 

رئيس التحرير

تعودت عزيزي القارئ أن أشركك في موقف أو شخصيه تثير اعجابي أو العكس، فتستهواني الكتابه عنها، ولعل المتابع لسلسلة مقالاتي “مامي في جريد 1” يعلم جيدا أن بطل مقالاتي هو صغيري “معاذ”، الذي اكتشفت على يده الصغيره، وعمره صاحب العشر سنوات، ما لم اكتشفه طيله عمري، وأنا الصحفيه التي تعمل بمهنتها منذ اكثر 15 عاما، سافرت خلالها بحكم عملي إلى أماكن عديده داخل وخارج البلاد، وتقابلت مع أشخاص كثيره ذات ثقافات وأديان وجنسيات مختلفه، ترك معظمهم أثرا كبيرا بداخلي، لكن ليس كالأثر الذي تركه ولازال يتركه صغيري بداخلي.

الصغير الذي يعطيني كل يوما بل كل ساعه درسا مختلفا يجعلني أغير طريقه تفكيري، وأبحث عن مسار اخر، وبخاصة بعد أن انتقل إلى مدرسه ومرحلة تعليميه جديدة، جعلتني اتعرف على معلمه جديده، يدور حوار بيني وبينها بمحض الصدفة وكأن القدر شاء أن يعرفني على معلمه تفكر (خارج الصندوق) كما يقولون، بعيدا عن منهج الدراسه والتلقين، تبحث في أعماق طلابها لتكتشف شخصيتهم وتصاحب نفسيتهم ثم تحاصرهم بحبها وحب مادتها.

المدهش في الأمر أنني لن يجمعني بها أي لقاء لنتحدث عن قرب، فالموضوع مجرد مكالمات هاتفيه فقط.

إنها مس “ابتسام أمير” مدرسه اللغه الثانيه ” الفرنسيه”؛ لكنها صاحبه الثقافة الأولى والأصح بمصاحبة الطفل نفسياً، واكتشاف الكنوز المدفونه بداخله وإخراجها وتوجيهها التوجيه الأمثل لتعظيم الاستفاده منها.

جمعتني مع مس “ابتسام” مكالمه طويله، قررت خلالها أن تنصحني نصيحه لفكره لم تكن بجديدة، لكنها تختلف هذه المره في طريقه تنفيذها، فوجئت بها تقترح علي أن يمارس ابني رياضه (كره القدم) لإخراج ما لديه من حركه، فقولت لها أنه مارسها بالفعل في وقتا سابق، ورفض أن يمارسها ثانيه بعد أن غضب منه زملاءه بالفريق خلال إحدى المسابقات واتهموه بالتسبب في خساره فريقهم خساره فادحه، ولشعوره بالذنب قرر ان يترك ممارسه هذه الرياضه تماما، واتجه إلى ممارسه رياضه الكاراتيه لكنه لم يحبها، معللا أنه لم يجد نفسها في ممارستها على حد قوله.

اقترحت الاستاذهابتسام” أن يعود لممارستها مره اخرى مقتحما خوفه؛ مقداما على النجاح؛ ولكن في هذه المره يمارسها كل يوم بعد إنهاء اليوم الدراسي، وما لديه من مذاكره، ينضم إلى فريق ونادي بالقرب من المنزل ويمارس رياضته التي يحبها، وهنا فقط ستهدأ حركته المفرطه، ويستمد طاقه ايجابيه، ليعود بعد كل تمرين شخصا آخر.

في البدايه ترددت بسبب ضيق الوقت، وقصر يوم فصل الشتاء والبرد وظروف العمل والمنزل، لكنها استطاعت بحنكتها وقوه قدرتها على الإقناع أن تقنعني، والمدهش في الأمر أنه بعد اليوم الثاني من التمرين اكتشفت أن صغيري يحاول تطوير نفسه، وان يكمل واجباته الدراسيه بنفسه، دون إلحاح مني كعادته، كي يكون عند حسن ظني، ولا أمانع في تمرينه يومياً دون انقطاع.

وعادت مس “ابتسام” اليوم لتسأل عن النتيجه، وتعرف ما وصل إليه؛ متشوقه لرؤيه شكله، وهو يرتدي لبسه الكروي لممارسة رياضتة المحببه إلى قلبه؛ ما جعلني أتوقف برهه من الوقت كي اطرح عليها سؤالا يثير فضولي، وهو أنها كانت في البدايه تشكو بشكل دائم تقريبا من شقاوه معاذ وحركته الزائده، وعدم تركيزه احيانا، لدرجه انه ترك حصتها ذات يوم وخرج إلى فناء المدرسه، فقالت…. أنا تعرفت على شخصيه معاذ جيدا واكتشفتها، وبدأت اعيد ترتيب ما بداخلها، لأنني احاول توظيف طلابي وقدراتهم، التوظيف الأمثل؛ ما ينعكس على تفوقهم الدراسي.

ويبدو أن معلمه اللغه الفرنسيه لم تكتشفت صغيري فقط بطريقه مختلفه، بل درست له ولزملائه اللغه الفرنسيه بطريقه أكثر اختلافا، فهي تتفانى في الشرح والتوضيح بأحترافية لم اعهدها من قبل من مدرسي اللغه الفرنسيه بمدرسه ابني القديمه، وكنت اعتقد انهم من مبدعي الفرنسية.

مس ابتسام أمير ذات بدايه العقد الثالث من العمر وربما أقل، ضربت لي مثلا رائعا أن الخبره ليست بالعمر؛ ولكن بالاكتشاف والمنطق والتحليل نتمكن من حل لمعادلة صعبه، قد تحقق حياه هادئه بالقريب العاجل، ليكتسب صغيري نطق وفهم لغه ثانيه بطريقه احترافيه، ويعود ثانيه للعبه التي أحبها مقتحما الخوف من الهزيمه مره اخري، والفضل يعود بعد الله إلى محترفه التأهيل التربوي قبل الدراسي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *