كتبت: دعاء سيد
من أسماء اللّٰه الحسنى التيّ تفيض بالمحبة والرحمة والأنس والسكينة “القريب”، وهو اسم كريم ورد في كتاب اللِّه وسنة نبيه (ﷺ)، يحمل في معناه العظمة واللطف والطمأنينة والرجاء.
اسم اللُّه “القريب” يدل على قربه سبحانه وتعالى من خلقه بعلمه وقدرته وإحاطته وهو قريب ممن دعاه، يسمع كلامه ويعلم حاله ويجيب سؤاله ويفرج كربه، وقرب اللُّه -تعالى- نوعان، الأول قربٌ عام من جميع الخلق بعلمه، قال اللُّه -تعالى-:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}(ق: 16)، والثاني قربٌ خاص من عباده المؤمنين وخاصةً من يدعوه ويتقرب إليه، قال اللُّه -تعالى-:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ، أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}(البقرة: 186).
ورد هذا الاسم الجليل في مواضع عدة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى:{إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ}(سبأ: 50)، أي يسمع دعاء من دعاه وقريب ممن رجاه وسأله، وقال جل شأنه:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ… إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا}(المعارج: 6-7)، أي أن وعد اللّٰه بالنصر والفرج قريب وإن ظنه الظالمون بعيدًا.
كما ذكرت الأحاديث النبوية قرب اللّٰه -عز وجل- قال النبي (ﷺ):
“إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته”(رواه البخاري ومسلم)، أي أن اللَّه قريب ممن يدعوه، فلا يحتاج إلى واسطة أو وسيلة، وفي حديث آخر قال رسول اللّٰه (ﷺ):”إذا قام أحدكم يُصلّي، فإنّه يُناجي ربَّه، وإن ربَّه بينه وبين القِبلة”(رواه البخاري)
وهذا من أعظم مظاهر القرب والرحمة.
عندما يعلم المسلم أن اللَّه قريب منه، لا يشعر بالوحشة ولا يخاف من المستقبل؛ لأن القريب لن يخذله، ومن آمن أن اللَّه قريب مجيب، لا يملّ من الدعاء ولا يستبطئ الإجابة؛ بل يلحّ ويرجو ويثق، ومن علم أن اللَّه قريب، راقبه في أفعاله وأقواله وابتعد عن المعصية وحرص على الطاعة، كما يأنس العبد باللِّه إذا خلا بنفسه ويجد في مناجاته لربه لذة لا تعدلها لذة.
اسم اللُّه “القريب” ليس مجرد لفظ يُتلى؛ بل هو صفة عظيمة تبث في القلب حياة وفي النفس رجاء وفي السلوك صلاحًا، قال اللُّه -تعالى-:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ، وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا، إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}(المجادلة: 1)، فهو القريب في كلِّ شأن، السميع في كلِّ دعاء والبصير بكلِّ حال.