الصبر خُلق الأنبياء وسر النجاح في الدنيا والآخرة

كتبت: دعاء سيد

الصبر من أعظم الأخلاق التيّ حثّ عليها الإسلام، وهو مفتاح الفرج وسبب من أسباب النصر ووسيلة للوصول إلى رضا اللِّه -عز وجل-، وقد تكرر ذكر الصبر في القرآن الكريم كثيرًا مما يدل على مكانته العظيمة وفضله الكبير في حياة المسلم، فالصبر هو حبس النفس عن الجزع واللسان عن الشكوى والجوارح عن المعصية، ويشمل الصبر على الطاعات والصبر عن المعاصي، والصبر على أقدار اللِّه المؤلمة.

لقد ورد ذكر الصبر في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة: 155-156)، هذه الآية تبشّر الصابرين بالبشرى الإلهية، وتظهر مكانتهم العالية عند اللِّه -سبحانه وتعالى-، وقال تعالى:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: 10)، وعدٌ عظيم من اللِّه -عز وجل- بأن يُعطي الصابرين أجرًا لا يُعد ولا يُحصى، و أيضًا قال تعالى:{فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} (هود: 49)، أمرٌ إلهي لنبيّه بالصبر؛ لأنّ النصر في النهاية سيكون للمؤمنين المتقين، فالنبيُّ (ﷺ) كان مثالًا يُحتذى في الصبر، فقد صبر على أذى قريش وعلى فَقْد الأحبة وعلى مشقة الدعوة، ومن أقواله الشريفة (ﷺ): “عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له” (رواه مسلم)
وقوله (ﷺ): “ما يصيب المسلم من نصبٍ ولا وصبٍ ولا همٍّ ولا حزنٍ ولا أذًى ولا غمٍّ حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفّر اللُّه بها من خطاياه” (رواه البخاري ومسلم)

للصبر أنواع، كالصبر على الطاعة مثل الصلاة والصيام والزكاة، فهي تحتاج إلى مجاهدة، والصبر عن المعصية مثل ترك النظر الحرام أو الكذب أو الغيبة والنميمة، والصبر على البلاء مثل المرض أو الفقر أو فقدان الأحبة، فالصبر طريق النصر والنجاة، في معركة بدر حين كان المسلمون قلة وعدد العدو كثيرًا، نزل قول اللّٰه -تعالى-:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمران: 200)، فكان الصبر من أعظم أسباب النصر في المعركة، فللصبر فضل كبير، فهو سبب لمحبة اللِّه -تعالى- قال تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (آل عمران: 146)، وهو علامة الإيمان القوي، فيعين الإنسان على مواجهة الابتلاءات بثبات وقوة، ويجعل صاحبه من الفائزين في الدنيا والآخرة.

الصبر ليس ضعفًا؛ بل هو قوة داخلية ربانية تمنح المؤمن راحة القلب وطمأنينة النفس، وتجعله يتعامل مع الحياة بحكمةٍ وثقة في وعد اللِّه، فلنحرص جميعًا على التحلّي بهذا الخلق العظيم، ولنقتدِ بالأنبياء والصالحين في صبرهم الجميل، حتى ننال رضا اللّٰه وجنّته قال تعالى: {واصبر وما صبرك إلا باللِّه} (النحل: 127).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *