حاورته الكاتبة /نجلاء أحمد حسن
في ذكرى نصر اكتوبر ٥١ التقيت بأحد أبطال حرب أكتوبر ٧٣ حول أمسية الثقافة السينمائية التي تحكي ذكرى الشهيد المحارب المشير احمد بدوي
وهي سيرة ملهمة عطرة احدثت شجنا في قلب أحد ابطال الملحمة الحاضرين
وهو الشاعر الكبير أحمد سويلم، هو أحد أبطال حرب أكتوبر، وُلد فى بيلا بمحافظة كفرالشيخ سنة ١٩٤٢، وخلال فترة الحرب كان نقيبًا فى سلاح الإمداد والتموين، فى الفترة بين عامى ١٩٦٨ و١٩٧٤.
وعن ذكرياته كان حديثا مطولا عن ايام الحرب حيث خدم في الجيش المصري إبان الحرب في سلاح الوقود
استرسل قائلا مازالت تلك الذكريات أشعر بها كما لوكنت البارحة في أرض المعركة لم تخذلني ذاكرتي طوال تلك السنوات عن ذكرياتي كظابط احتياط خدم جيش مصر العظيم والذي يفخر به كل من شارك فيه
….البطل المقاتل احمد سويلم .لك موقف شهير عن محبة تراب الوطن وهو نادر جدا يوضح مشاعر خالصة للوطن …
انا عاشق لتراب ارض وطني فقد ملأت زجاجة من رمال سيناء مخلوطة بدماء الشهداء وما زلت أضعها على مكتبى حتى الآن واحتفظت بدانة مدفع وحولتها لأباجورة
..مذكرات الشاعر احمد سويلم اثناء الحرب تحكي…كيف كانت مدة خدمتك في سلاح الوقود معلوماتي تبوح بأنك كنت مثال الانضباط في خدمة الوطن بل ولك بصمة متميزة اثناء ملحمة أكتوبر الخالدة. …..
…. نعم نشرت جزء من مذكراتى التى تحمل عنوان «شاعر تحت السلاح»، والتى رصدت من خلالها جزئية التمويه فى الحرب، والتى شملت ارتداء الملابس بطريقة تبرز أنه ليس هناك أى حرب ستقام فى الفترة المقبلة، وقضاء الحياة اليومية بشكل طبيعى حتى يرصده العدو ويطمئن بشأننا
كنت نقيب مجند لدفعة مؤهلات عليا بعد نكسة 67 وشاركت فى حرب 6 أكتوبر ومكث تحت السلاح 7 سنوات متواصلة فى سلاح الوقود إلى أن خرجت من الخدمة عام 74 .
في عام 67 كنت ضمن دفعة المؤهلات العليا بعد أن تخرجت فى كلية التجارةوأخذت فرقة فى الكلية الحربية، وتم توزيعى على القسم الميدانى للتدريب، وكنا فى منطقة «عزبة النخل وكان أول من استقبلني هو الفريق عبد المنعم رياض الذى تميز بروحه العالية للجندية وكان حديثه لنا:«إنكم نوع جديد يدخل القوات المسلحة، وبعقولكم سنصنع النصر»، وكلماته شكّلت وجدانى حتى الآن. وقام بحفيزي وزملائي على العمل واثمر تطوير في أداء القوات المسلحة وإفادة زملائي فى الأسلحة المختلفة بما لديهم من علم،
والذى تحقق بالفعل فى مجالات كثيرة منها
اختراع مضخات مياه تستطيع عمل الثغرات فى الجدار الرملي، والعمل على تحريك المياه لتجاوز ضحالة المياه فى مناطق العبور، واختراع مواد كيميائية استطاعت سد أنابيب مضخات النابلم على طول الجبهة وغيرها مما يؤكد نظريتي أن دفعات المؤهلات العليا قامت بإثراء العمل فى سير العمليات لصالح النصر،
وأضاف المقاتل احمد سويلم أن مسئولية عمله كانت تقتضى أن يكون فى عمل متواصل 24 ساعة لتوفير الوقود للقوات المقاتلة سواء شرق القناة بعد العبور أو غربها قبل يوم العبور.
وأوضح أنه لم يحدث خلال الحرب أن نقص الوقود أو توقفت مركبة بسبب نقص الوقود، بل على العكس في أوقات كثيرة كانت الأنابيب تتعرض للضرب ويتسرب منها الوقود، وعلى الفور نعمل على إصلاحها وتعويض النقص.
قبل الحرب ماذا كتبت تعبيرا عن تلك الحالة الصعبة التي مرت على قلوب الجنود المصريين البواسل
كتبت قصيدة
«عز علىّ أن أنام.. ولا مفر من توعد ومن صدام..
أغمد إذن حكاية الفرار من حديثنا..
لكى نلبى هاتف المضيق.. ونصحب الصدى على الطريق..
نذيق كأس الموت والحريق.. نصارع الثيران..
نمسح الدمع عن السماء.. ونستعيد فى لقائنا النهار..
ونجعل النصر على شفاهنا قصيدة وصيحة وثار.
. ها نحن الفتية نلقى عن أنفسنا رؤى الأمس..
لا تعنينا أن تصدق أو تكذب..
فلقد أمسينا شوقًا محمومًا للوطن ووصايا عشر.. أمست رؤيانا موتًا سلبته أمس رءوس النمل الأسود.
. ها نحن الفتية من عمر واحد نحمل فى كفينا الموت،
نتقاسم أدوار الزحف المحموم حتى تتحقق رؤية لا تكذب».
…..لحظة العبور كيف مرت على وجدان الشاعر البطل احمد سويلم ضابط الاحتياط بالجيش المصري الباسل. ……… أن لحظة العبور كانت لحظة فارقة بين اليأس والأمل بين الحزن والفرح بين الهزيمة والنصر بعد أن مكثنا فترة طويلة لا نعرف متى يكون قرار العبور وكان أول ما فعلته بعد العبور هو السجود لله شكرا على ذلك وأخذت أملأ رملا فى زجاجات لاتزال عندى إلى اليوم كأنه حلم تحقق فى الواقع،
وثق أحمد سويلم الشاعر المقاتل الباسل لحظة العبور فكتب فى قصيدة بعنوان “بلاغ ” يقول :
أسقطنا الحصن الأول فى أول زحف
وارتفعت ألوية النصر المعقودة فوق الرمل
وأشار البطل احمد سويلم بعبارة تحكي روح الجندية إلى انه لم يكن هناك جندى واحد لا يعرف دوره فى الحرب، ويؤكد ان فكرة هزيمة مشاعر الخذلان التى كان يروج لها العالم بأن خط بارليف لا يمكن عبوره إلا بضربة بقنبلة نووية، لم تجد صدى امام ارتفاع الروح المعنوية للجنود المصريين
في المقابل رأيت بعيني النقاط الحصينة للعدو خلف الساتر الترابى بأنهم كانوا يعيشون فى «فخفخة».. وكانت نقاطهم مبنية للحياة فيها أبد الدهر
….كيف كانت تمر لحظات القذف نحو الجيش المصري على قلوب الجنود المصريين البواسل
وتحدث بحماسة المقاتل احمد سويلم إلى انه وزملاءه لم يبالوا بقذائف المدفعية التى انهالت عليهم محاولة قطع خطوط الإمداد التى نصبها لتوفير الوقود إلى الضفة الشرقية لتبدأ أكبر معركة دبابات فى التاريخ الحديث، لتنهار معها فخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية والأمريكية أمام إصرار الجندى المصرى وعزيمته.
وأوضح سويلم أنه تمنى في كل لحظة ان ينال الشهادة التي كانت أمامه وأمام عيون زملاؤه الجنود حلما يوشك ان يتحقق مع كل دانة مدفع من جهة الأعداء مكتوب عليها اسم الشهيد الذى سترفعه الى مصاف الشهداء
ولم يتسرب الخوف او الخذلان لحظة الى قلبه وزملائه لذلك، من أجل تحقيق حلم العبور العظيم لافتا إلى أنه لا يزال يتذكر عددا من الجنود الذين ضحوا بحياتهم فى ارض سيناء أثناء المعارك. فداء لارض الوطن الغالي الذي من أجله ضحى الغالي والنفيس من أبنائه البواسل.
سالت الشاعر الكبير أحمد سويلم، كيف كان القادة يعملون على تاجيج حالة الحماس في قلوب المجندين اثناء الحرب وهي حالة ادهشت قادة جيوش العالم إلى لحظتنا هذه؟
ورد بجواب ادهشني بالفعل
بإن في ثغرة الدفرسوار كانت الإجازات وقتها مستحيلة، وكان القادة يرصدون جوائز تحفيزية ثمينة وهي عبارة عن إجازة 24 ساعة لكل من يأتي برأس واحد من العدو، وكان الحماس لدى الجنود لا حدود له، وأسروا قادة جيش العدو المتغطرس الذي لم يتخيل ذلك أبدا
الشاعر أحمد سويلم يحمل الثقافة في وجدانه في كل وقت وهو من اهم المحركين الثقافيين في عصره
كيف كان الشاعر أحمد سويلم مؤثرا فكريا وثقافيا مع كونه الظابط احتباط أحمد سويلم بحالة حرب؟
طوال فترة العمل كنت مسئولا عن مجموعة من المجندين بعضهم لم يحالفه الحظ في حياته المدنية بإكمال تعليمه العالي
وقد اقترحت على رئيس الكتيبة بان يكملوا تعليمهم العالي مع التزامي بضبط مواعيد واجبهم العسكري والتدريب الميداني المستمر ولا يتعارض مع اوقات تحصيلهم الدراسي وقد نجحنا معا في تخريج مجموعة من المجندين بانتهاء فترة تجديدها وخروجهم للحياة المدنية يحملون شهاداتهم العليا سواء الحقوق او الاداب او التجارة وغيرها