كتبت: دعاء سيد
الرضا بقضاء اللِّه -تعالى- وقدره هو أحد المفاهيم العميقة في الإسلام التيّ تجلب السعادة والسكينة للنفس مهما كانت صعوبة الظروف، فعندما يسلم المؤمن أمره للِّه -عز وجل- يقبل بكلِّ ما يمر به من أقدار سواء كانت خيرًا أو بلاء، فيجد نفسه في سلام داخلي وتواصل روحاني مع خالقه.
الرضا هو القناعة التامة بأنّ اللَّه -سبحانه وتعالى- يختار لعباده الأفضل دائمًا، وأنّ ما قدره لهم هو عين الخير وإنّ خفيت الحكمة منه أحيانًا، فهو تعبير عن اليقين بوحدانية اللِّه -تعالى- وحكمته المطلقة في تدبير شؤون عباده، يقول اللُّه -تعالى- في كتابه الكريم:{رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (البينة: 8)، فهذه الآية تعبر عن العلاقة المتبادلة بين رضا العبد ورضا اللّٰه -سبحانه وتعالى-.
الرضا يخلق شعورًا بالاطمئنان ويبعد القلق والحزن عن القلب، فهو من أعظم أسباب السعادة ومن دلائل أهمية الرضا قول النبيُّ (ﷺ):”ذاق طعم الإيمان من رضي باللِّه ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا” (رواه مسلم)،
ففي هذا الحديث إشارة إلى أنّ الرضا هو أحد مفاتيح التذوق الحقيقي للإيمان، الذي يجعل العبد يثق بأنّ كلَّ ما يحدث له هو بتدبير إلهي حكيم.
على المسلم أنّ يطمئن إلى أنّ اللَّه -سبحانه وتعالى- أرحم بعباده من الأم بولدها، فهو يختار لهم الأفضل دائمًا وإنّ كان فيه ابتلاء، يقول اللُّه -تعالى-: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} (البقرة: 216)، كما انّ التوكل الصحيح على اللِّه -سبحانه وتعالى- يولد رضا عميقًا؛ لأنّ المؤمن يعلم أنّ تدابير اللّٰه -تعالى- دائمًا خير، والاستعانة بالذكر والدعاء يخففان من وطأة البلاء ويعينان على القبول بكلِّ ما كتب اللُّه -سبحانه وتعالى- وقد ورد في الدعاء: “اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء”.
من أعظم الأمثلة في الرضا قصة أيوب -عليه السلام- الذي صبر ورضي بحكم اللِّه -تعالى- رغم شدائد البلاء التيّ أصابته في صحته وماله وأهله حتى قال:{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّٰحِمِينَ} (الأنبياء: 83)، فكان جزاؤه عظيمًا بأنّ كشف اللُّه -سبحانه وتعالى- عنه الضر ورد له الخير مضاعفًا.
الرضا هو جوهر الطمأنينة في هذه الحياة، فهو يعيد ترتيب الأولويات ويغرس اليقين بحكمة اللِّه -عز وجل- وعدله، وهو السلوك الذي يقود المسلم للسلام الداخلي مهما كانت الأقدار، فلنحرص على ترسيخ هذا المفهوم في قلوبنا بالدعاء والتأمل في نعم اللِّه -سبحانه وتعالى- والإيمان بحكمته المطلقة.