كتبت: دعاء سيد
يُعد الرضا بقضاء اللِّه -تعالى- وقدره من أعظم الفضائل التيّ يدعو إليها الإسلام، وهو أمر جوهري في تعزيز الإيمان وتحقيق السلام الداخلي، يشير الرضا إلى القبول التام بما يقدره اللُّه -سبحانه وتعالى-، سواء كان خيرًا أم شرًا، ويؤكد على الثقة بحكمة اللِّه وعدله في تدبير شؤون الخلق.
الرضا بقضاء اللِّه وقدره هو التقبل التام للأحداث والظروف التيّ يمر بها الإنسان، دون جزع أو سخط، مع اليقين بأنّ اللَّه لا يقدر إلا الخير لعباده، يقول اللُّه -تعالى-:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}(الحديد: 22)، هذا يؤكد أنّ كلَّ ما يصيب الإنسان مكتوب ومقدر من اللِّه -عز وجل-، ويجب أنّ يُقابل بالرضا والصبر.
الرضا بقضاء اللِّه وقدره يعد من الأمور التيّ تحقق للمسلم السكينة والطمأنينة النفسية، فعندما يوقن الإنسان بأنّ كلَّ ما يحدث له من خيرٍ أو ابتلاءٍ هو بتقدير اللِّه الحكيم، فإنّه يتحرر من القلق والخوف مما قد يحدث له في المستقبل، يقول النبيُّ (ﷺ): “عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ”(رواه مسلم).
الرضا بقضاء اللِّه -تعالى- يجعل المسلم أقوى في مواجهة مصاعب الحياة، حيث يظل متوكلًا على اللِّه -تعالى- في جميع أموره، ولا يعني الرضا الاستسلام السلبي؛ بل هو قبول مع السعي للأخذ بالأسباب والعمل بما هو في مصلحة الإنسان، مع اليقين بأنّ النتائج بيد اللِّه وحده.
السيرة النبوية مليئة بالأمثلة التيّ تجسد الرضا بقضاء اللِّه -تعالى-، ومن أبرزها موقف النبيّ (ﷺ) بعد فقدان زوجته خديجة -رضي الله عنها- وعمه أبي طالب في عام الحزن، ورغم المصاعب؛ ظل النبيُّ (ﷺ) راضيًا بقضاء اللِّه -سبحانه وتعالى-، مستمرًا في دعوته دون أنّ يفقد ثقته باللِّه -عز وجل-.
المسلم الذي يرضى بقضاء اللِّه يتمتع براحة نفسية عظيمة؛ لأنّه يعلم أنّ كلَّ ما يحدث له هو بتدبير اللِّه -تعالى- الحكيم، الرضا يقلل من الخوف والقلق بشأن المستقبل، حيث يعلم المسلم أنّ اللَّه -سبحانه وتعالى- هو المدبر والمتحكم في كلِّ شيء، أيضًا الرضا يجعل المسلم ثابتًا وصبورًا عند المصائب، فلا يجزع ولا ييأس.
يجب على المسلم أنّ يثق بأنّ اللَّه -تعالى- لا يقدر إلا ما فيه خير، حتى وإن لم يدرك الإنسان الحكمة في الوقت الحالي، ويساعد الذكر والاستغفار على تقوية الصلة باللِّه وتعزيز مشاعر الرضا والاطمئنان، ودراسة قصص الأنبياء والتحديات التيّ واجهوها تساعد في فهم قيمة الرضا وكيف أنّهم كانوا يثقون بحكمة اللِّه في كلِّ أمر.
الرضا بقضاء اللِّه وقدره هو مفتاح السكينة والسعادة الحقيقية في حياة المسلم، فمن خلال الرضا يتعلم المسلم كيف يتوكل على اللِّه في كلِّ شيء، ويواجه مصاعب الحياة برضا وثقة، علينا جميعًا أنّ نحرص على تحقيق هذا الشعور العميق في قلوبنا حتى ننعم بحياةٍ هادئةٍ مطمئنة، مرتبطة باللِّه -عز وجل- وقضائه الحكيم.