كتبت: دعاء سيد
التوكل على اللِّه -عز وجل- عبادة قلبية عظيمة، وركيزة أساسية في حياتنا، بها يُستجلب الرزق ويُنال النصر وتطمئن القلوب وهو ليس مجرد قول باللسان؛ بل مقام من مقامات الإيمان يجمع بين صدق الاعتماد على اللِّه والأخذ بالأسباب، قال اللُّه -تعالى-:
﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3].
التوكل هو اعتماد القلب على اللِّه -عز وجل- مع فعل الأسباب المشروعة، لا تواكلًا ولا كسلًا، فالمسلم يتوكل على اللِّه ويتيقن أن الخير والشر بيده سبحانه وأنه لا حول ولا قوة إلا به، قال تعالى:
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ﴾ [الفرقان: 58]، وقد ورد التوكل في مواضع كثيرة من القرآن الكريم؛ ليدل على عظم شأنه، قال تعالى:﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾
[الشعراء: 217-220]، وقال سبحانه: ﴿ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾
[التوبة: 129]، هذه الآيات تؤكد أن التوكل هو باب النجاة ومفتاح الفرج، وسبب عظيم لتحقيق الكفاية والرعاية من اللِّه -سبحانه وتعالى-.
كما أنَّ النبيَّ (ﷺ) هو القدوة العظمى في التوكل، فقد علّم أمته أن يعتمدوا على اللِّه -تعالى- مع الأخذ بالأسباب، قال (ﷺ):«لو أنكم تتوكلون على اللِّه حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا» [رواه الترمذي]، وفي حديث آخر قال (ﷺ):«من قال حين يصبح وحين يمسي: حسبي اللّٰه لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، سبع مرات، كفاه اللُّه ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة» [رواه ابن السني وأبو داود]، هذه الأحاديث ترسّخ مفهوم التوكل العملي والقلبي، وتبين فضله وأثره في جلب الرزق ودفع البلاء.
كما أنَّ التوكل على اللِّه ثمارٌ عديدة: كالطمأنينة القلبية، فالمؤمن يعلم أن اللَّه يدبر أمره، وجلب الرزق كما جاء في حديث الطير، والنصر والتمكين فقد قال اللُّه -تعالى-: ﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾ [آل عمران: 160]، والكفاية ودفع الهموم كما جاء الحديث الشريف «كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة».
التوكل على اللِّه -عز وجل- ليس دعوى تقال باللسان؛ بل حقيقة يعيشها المؤمن في كلِّ تفاصيل حياته، يقرن فيها الإيمان بالأخذ بالأسباب مع صدق الاعتماد على اللِّه -سبحانه وتعالى- ومن عاش بهذا المعنى، نال رضا اللّٰه وكفاه ما أهمّه، قال اللُّه -تعالى-:
﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3].