بقلم الدكتور محمد حسين
أستاذ الشريعة و القانون جامعة الأزهر
التواضع من أسرار الله تعالى المخزونة عنده، لا يهبها على الكمال إلا لنبي أو صديق. فليس كل من تواضع تواضعًا هو من أعلى مقامات القرب التي ينتهي إليها الصالحون. وحقيقته العلم بعبودية النفس، ولا يصح مع العبودية رئاسة أصلًا لأنها ضدها. ولهذا قال المحققون من أهل العلم رضي الله عنهم: آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرئاسة، ولا يكون ذلك إلا مع الجهل. قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: أين تنبت الحبة؟ قالوا: في الأرض. فقال عليه الصلاة والسلام: كذلك الحكمة لا تنبت.إلا في قلب مثل الأرض، يشير إلى التواضع. وإلى هذه الإشارة قال سيد البشر، صلوات الله وسلامه عليه، ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه، والينابيع لا تكون إلا في الأرض، وهو نبع الماء. والتواضع خلق شريف، ولا يتصور عن كل أحد، فإن الوصول إليه يتوقف على التمكين في العلم والتحقيق في التخلق ومجاهدة النفس. رزقنا الله قربه بمنه، وصلى الله وسلم على السيد الطاهر المعصوم محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، الدرّة البيضاء. والحمد لله رب العالمين.