التسليم للِّه.. طاعةٌ وإيمانٌ ونجاة

كتبت: دعاء سيد

التسليم الكامل للِّه -عز وجل- هو جوهر الإيمان وروحه، وهو أن يُسلِم المؤمن أمره كله للِّه، ظاهره وباطنه، قلبه وجوارحه، فيرضى بما قضى ويقبل بما شرع، ولا يعترض على حكم اللِّه -سبحانه وتعالى-؛ بل يطمئن قلبه إلى وعد اللِّه ووعيده وإلى شرعه وقدره، فيكون بذلك من عباد اللِّه الصالحين الذين قال فيهم:{وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}(لقمان: 22).

التسليم الكامل هو الخضوع التام لإرادة اللِّه -سبحانه وتعالى-، والاستسلام لأوامره ونواهيه، دون تردد أو اعتراض وهو يشمل الإيمان باللِّه ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد (ﷺ) نبيًا ورسولًا، مع العمل بمقتضى ذلك وترك التذمر أو التسخط أمام ما يصيب الإنسان من أقدار،قال اللُّه -تعالى-:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(النساء: 65).

المؤمن يُسلّم للِّه -عز وجل- في ألوهيته وربوبيته، فلا يشرك به شيئًا ويوقن أن كلَّ شيء بيده، يقول اللُّه -تعالى-:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ}
(الأنعام: 162-163)، أما التسليم في الطاعة، وذلك بامتثال الأوامر وترك النواهي، قال اللُّه -تعالى-:{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(النور: 51)، والتسليم للقدر يكون في الرضا بقضاء اللِّه وقدره، خيره وشره، حلوه ومرّه، يقول النبيُّ (ﷺ):”عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له”
(رواه مسلم).

كان الأنبياء هم أعظم من جسد هذا المعنى، ومنهم إبراهيم -عليه السلام- حينما قال اللُّه -تعالى-له:{إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}(البقرة: 131)، وبلغ التسليم أوجه حين استجاب لأمر اللّٰه بذبح ابنه، فقال -تعالى-:{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}(الصافات: 103)، فالسكينة والطمأنينة لمن يسلم أمره للِّه -عز وجل-؛ فيعيش في راحة ورضا لا توصف، كما أن التسليم يعمّق الثقة باللِّه، ويُقوّي اليقين بالنجاة والفلاح: قال اللُّه -تعالى-:{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}
(النور: 52).

التسليم الكامل للِّه ليس ضعفًا أو خضوعًا لواقع مرير؛ بل هو قمة القوة واليقين، وهو طريق العز في الدنيا والنجاة في الآخرة، قال اللُّه -تعالى-:{وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا إِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}(الفرقان: 63).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *