بقلم: الدكتورة نادية حلمى
الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف
لقد خسِئتَ يا إمام، ماذا بلينا بِهذا فِكر بِلا آذان؟ قد جندُونا فِى المساجِد وأوهمُونا بِالخِلُودِ والصلاح، أعطُونا خِنجر لِلجِهاد ثُمّ ذهبُوا كالعبِيدِ لِلدُولار… تركُونا سخطى فِى البِلاد ومِن العِباد، كانُوا عِصابة ضحِكت علينا بِلا مُرتب ولا أىُ زاد، فِى كُلِ شهر كان الإمام يمُدُ يده لِلإعانة مِن كُلِ جاهِل يحمِى الإمام.
ماذا إستفدنا يا إمام بِفِكرِ بنا منبُوذ مِن كُلِ باب؟ قُل لِى بِربُك أُرِيدُ ردُك ماذا قبضتُم مِن وراء هذا الغباء؟ لقد خُدِعنا سِنينَ عِدة بِأفكارِ بالية يا إمام… فِى كُلِ مسجِد كان الإمام يعهد لِمُرشِد بِفحصِ عين كُلِ مُرِيد ملابِسه رثّة لعلّه يشفع لِلإمام، والفقرُ مُفتاحُ القِلُوب لِجذبِ أبله معتوه فِى عقلُه فِى الزِحام.
والعددُ زاد يا إمام بِكُلِ ضِعفٍ يشُق السماء، ونحنُ فُقرا وإمامُنا أغنى بِلا إستِقام، قد كُنتُ أدفع لِأى مُرشِد مِئة جُنيه فِى كُلِ شهرٍ مِن المُرتب لِتبيِيض وجه الإمام… خمسُون عاماً يا إمام كُنتُ أدفع بِلا تأخُر فإزددتُ فقراً، وهُم يقُولُوا إجهز يا بطلٌ لِلشِهادة بِالجوادِ والعِتاد، فالجنة تحتُكَ فِى صِمام.
أخذتُوا عقلِى خمسُون عاماً ومعه راتِب إستقطعُوه مِنِى يخدِم إمام، كافحتُ وحدِى فِى الحياة، هذا الإمام على الموائِد يزدادُ ثروة لِجهلِ مِنا فِى بِنُوك سِويسرا بِالدُولار… أُعيلُ أُسرة بِفُتات قلِيل، وسمِعتُ يوماً أن الإمام لديه إبن يحتِفلُ معه بِالتخرُج بعد أن دفع الكثِير بِالدُولار، فبكيتُ قهراً لِخدِيعة مِنهُم فِى خِصام.
قد جُنّ عقلِى يا إمام وأنتَ تذهب لِلدُولار وأنا أجُوعُ مِن الوِعُودِ تلوِ الوِعُودِ بِلا ثراء، لعبُوا بِعقلِى بِحديثِ بنا عنِ الوفاء، جعلُونِى زاهِد عن أى شِئ فِى الحياة… قد هيأُونِى لِدِخُولِ جنة سمعاً وطاعة لِلإمام، وطلبُوا مِنِى الزُهد شوطاً فِى المساجِد بِلا أى زاد، وملئُوا بِطُونهُم وأنا مكانِى أندم كثِيراً بِلا إغتِنام
فقطعتُ عهداً بِأن أشكُو همِىّ يا إمام إلى ربٍ كرِيمٍ لِلعِباد، أنا الفقِير فِى بِيت بسِيط وأنت تهبُش مِن كُلِ قات، أنا المُغيّب بِحديثِ لك بِأنك طرِيقِى نحو السحاب… أُرِيدُ حقِى يا إمام، مِئة جُنيه فِى كُلِ شهر، إضرب فِى عُمرِى بِضِعفِ مبلغ وأنا أُجاهِد بِلا أى عوضٍ يسُدُ رمقِى والعِيال، أُريدُ حقِى بِلا صِدام.
والآن أفضِح ما تمّ مِنكُم يا إمام بِلا إتِفاق، قد كذِبَ بنا ومعه قُطب بِرِداءِ تقوى لِسحبِ مال، والثروة زادت لِكُلِ مُرشِد وصلت تِلال، ونحنُ حزنى بِلا مكانة أو أىُ جاه… غمضتُ عينِى معصُوب فِى بصرِى فِى أى مُظاهرة لِلجِهاد، قبضُوا علىّ فهرُبَ الإمام بِلا مُحامِى يُوكِله دِفاعَ عنِى بِلا إهتِمام.
هرب الإمام يا إلهِي رغم أخذه سِنينَ خِدمة مِن شقائِي فِى إنتِظام، هرُب الإمام رُغمّ أنِى إلتزمتُ بِالشقاءِ والهوان، هرُب الإمام رُغمّ أنِى كُنتُ دوماً أطِيرُ نحوُه ألعق حِذاء… فرّ الإمام مِن أمامِى بِزِى مرأة يلبُس نِقاب، عثرُوا عليه على الحِدُود يترُكُنا حمقى بِلا دِفاع، فبكيتُ دماً، ووددتُ أضرُب هذا السفِيه بِالِلجام.