بقلم: أحمد منصور الطماوي
الباحث في العلوم السياسية
كلما طالعت تقرير الأكاديمية الوطنية للاستخبارات التركية عن حرب ال١٢ يوم الإيرانية وتوصياته وربطه بما تم تنفيذه من توصيات حتى الآن تحسبًا للحرب المحتلمة مع الصهاينة وبالرغم من علاقاتهم الاقتصادية والعسكرية القوية مع إسرائيل وبالرغم من عضوية تركيا بالناتو وقدراتها العسكرية التصديرية إلا أن التقرير كان يركز ويحذر من أهمية التفوق السيبراني وربطه بسلاح الجو والدفاعات الجوية، وتكنولوجيا الأمن السيبراني هي التي تعتمد عليها إسرائيل في حروبها الأخيرة، ومقارنة ذلك بسلوك دول الخليج في علاقاتهم مع الأمريكان والغرب والمزايا الممنوحة لهم بداية من إنشاء القواعد العسكرية الأمريكية وصولًا إلى كم الأموال والهدايا مؤخرًا ظنًا من الخليج العربي أنهم بذلك محصنين فقد خسرتم وخسر مسعاكم ومبتغاكم .
في عام ٢٠٠٨م حذرت من خلال تقرير موثق تم تحليله ومناقشتة على فضائية ” ايه بي سي ” الاقتصادية العربية من تدني الإنفاق على البحث العلمي العربي حيث تنفق إسرائيل على البحث العلمي إجمالي ما تنفقه الدول العربية جميعا….!!! ولا حياة لمن تنادي….
وها نحن الآن نرى ما حصدت إسرائيل مما أنفقت على البحث العلمي طوال السنوات الماضية بتفوقها السيبراني وكأنه ترياق الشجاعة عندما يشربه الجبان الخسيس تراه يخرج الكبت بداخله من الخسه والضعف فيطيح يمينًا ويسارا ظنًا منه أنه قادر علي أن يهدد المنطقة العربية بأسرها،
إسرائيل بالأمس القريب هددت علنًا باكستان وتركيا ولبنان وسوريا واليمن واليوم ترسل رسالة تحذيرية للشرق الأوسط كله.
سلوك الصهاينة المتخبط والمنفلت ليس كما فسره البعض بأن نتنياهو يتهرب من ملاحقات قضائية تهدده بالحبس.. !!
ولكن هناك ما هو أبعد وأهم من ذلك وهو أن الصهاينة الآن يشعرون بتهديد وجودي باحتلالهم للأراضي العربية المغتصبة ولا يشعر اليهود بالأمان وهذه عقدة نفسية مركبة وملاصقة للشخصية اليهودية زاد الشعور بها مؤخرًِا بسبب ما يسمى بلعنة “العقد الثامن”
حيث يرى بعض المؤرخين الإسرائيليين في هذه الجدلية أن مملكة داود التي يرجعونها إلى عام 1000 قبل الميلاد والتي استمرت أقل من ثمانين سنةً تحت حكم الملِكين داود وسليمان (حيث لا يعتقد اليهود بنبؤتهما)، ومع وفاة الملك سليمان في بداية العقد الثامن من حياة هذه المملكة بدأت بوادر الانقسام والتفرق، ما أدى إلى انقسامها إلى مملكة إسرائيل في الشمال وعاصمتها نابلس، ومملكة يهوذا في الجنوب وعاصمتها القدس، مما أدى إلى سقوط المملكتين نتيجة الضعف على يد الآشوريين ثم البابليين.
القيام الثاني لدولتهم كان مملكة
” الحشمونائيم” عام 140 قبل الميلاد خلال فترة الحكم اليوناني لفلسطين، نتيجةً لثورة يهودا المكابي، ولكن هذه المملكة دخلت في العقد الثامن من عمرها أيضًا في طور الفوضى التي أدت إلى سقوطها. ولم يقم لليهود أي كيان مستقل سياسيًا في فلسطين على مدار التاريخ غير هذين الكيانين، حتى قيام دولة إسرائيل الحالية عام 1948، فقد أوشكنا على الوصول لنهايات العقد الثامن وهو ما يثير مخاوف نتنياهو والساسة في إسرائيل من أن تكون هناك علاقة وثيقة بين العقد الثامن وسقوط أي كيان سياسي يهودي على مر التاريخ.

