أعلمُ من سُليمان…… “سُليمان بن داود بن ايشا بن عويد بن عابر” ( عليهما السلام)

كتبت: دعاء سيد

في عظيمِ التاريخ الإسلامي، تبرزُ قصة النبيّ “سُليمان والهدهد” كأحدِ القصص الملهمة والمعبرة عن حكمةِ اللِّه- تعالى- وإعطائهِ العلم لمن يشاء، فقد ورد في “القرآن الكريم” قصةٌ فريدة عندما أراد اللّه-تعالى- أنّ يمنح “سُليمان” علمًا خاصًا واستثنائيًا، وذلك عبر الهدهد.

بدأت هذه القصة بعد تحرك “سُليمان” وجيشه من “وادي النمل” فمر بأرضٍ جرداء لا ماء فيها، فأصاب جنوده العطش فسألوه الماء فأمر الجن والشياطين بحفرِ الآبار لاستخراجِ الماء؛ ولكن لم يجدوا الماء فأشاروا عليه باستخدامِ “الهدهد” للكشفِ عن الماءِ فقد أعطاه اللّه- تعالى- القدرة على الكشفِ عن الماءِ تحت تُخومِ الأرض، فتفقد “سُليمان” الطير فلم يجد “الهدهد” فتوعده بالعذابِ الشديد لغيابهِ إلا إذا جاءه بعذرٍ مقبول؛ هنا تبرز الحكمة الإلهية في اختيارِ اللّه- تعالى- لمن يمنحهُ العلم، حيث كان “الهدهد” الطائر الذكي أحد خلق اللّه- تعالى-، وكان لديه علم خاص بهِ.

قال اللّه -تعالى- في القرآن الكريم: “وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22)” ( النمل:20،21،22)

في هذه اللحظة، أدرك “سُليمان” أنّهُ بحاجة إلى مساعدةِ “الهدهد” للحصولِ على العلمِ الذي أعطاه اللّه- تعالى- لهُ، وبالفعلِ جاء “الهدهد” وأخبر سُليمان بأنّه قد وجد أُمةً تعبدُ الشمسَ بدلًا من اللِّه- تعالى-، وعلم هذا من خلالِ الاستماع إلى مجالسِ الشمس؛ هنا تجلى دور “سُليمان” كنبيٍّ وحاكمٍ عادل، حيث استجاب بحكمةٍ للمعلوماتِ التي حصل عليها من “الهدهد”، بدلًا من استخدامِ العلم بطريقةٍ غير مسؤولة أو ذات طابعٍ شخصي، استخدم “سُليمان” هذا العلم لتوجيهِ شعبهِ وتصحيح المسار الذي كان يتخذهُ جزء من الناسِ.

توضح هذه القصة أنّ اللّه- تعالى- منح “الهدهد” القدرة على فهمِ لغة الطيور وفهم الأمور الكونية بشكلٍ عميق، وهو ما لم يكن متاحًا لأحدٍ آخر، حتى لسُليمان، يتجلى في ذلك العدل والحكمة الإلهية في اختيارِ من يُعطىٰ العلم، وعلى وجهِ التحديد، نتعلم أنّ العلم لا يقتصر على الأفرادِ المحددين، بل قد يأتي من مصادرِ غير متوقعة، إن فهم العلم والحكمة يفتح الأبوابَ لتحقيقِ التقدم والتنمية في المجتمعاتِ.

وفي الختامِ، يُظهر لنا هذا الحديث القرآني أنّ اللّه -تعالى- قادر على منحِ الحكمة والعلم لمن يختار، وهو يوجه الإنسان ليستخدم هذه النعمة بطريقةٍ تسهم في الرخاءِ والتقدم، ستظّل قصة نبيّ اللّه “سُليمان” مع “الهدهد” درسًا ملهمًا للبحثِ عن العلمِ واستخدامهِ بحكمةٍ في خدمةِ الإنسانية وبناء المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *