كتبت: دعاء سيد
يُعدّ يوم عرفة من أعظم الأيام وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة ويقف فيه الحجاج على صعيد عرفات ملبين ومهللين، يرجون من اللِّه المغفرة والرحمة والعتق من النار، ويكتسب هذا اليوم مكانة خاصة في قلوب المؤمنين لما ورد فيه من الفضل والثواب العظيم، سواء للحاج أو لغير الحاج وقد دلّت على فضله آيات من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة عن النبيِّ (ﷺ)، جاء ذكر يوم عرفة في القرآن الكريم بشكلٍ غير مباشر، في قوله تعالى:”وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ” (البروج: 3)، فقد فسر بعض العلماء “الشاهد” بيوم الجمعة، و”المشهود” بيوم عرفة، كما قال ابن عباس -رضى اللُّه عنهما- إشارة إلى عظمة هذا اليوم ومكانته، كما ورد في قوله تعالى:”الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي” (المائدة: 3)، وقد نزلت هذه الآية في يوم عرفة، كما جاء في الصحيحين عن عمر بن الخطاب -رضى اللُّه عنه- مما يدل على شرف الزمان وعظمة المناسبة.
وردت أحاديث كثيرة عن النبيِّ (ﷺ) تبين فضل يوم عرفة ومكانته ومن أبرزها، عن عائشة -رضى اللُّه عنها أن رسول اللّٰه (ﷺ) قال:”ما من يوم أكثر من أن يعتق اللُّه فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟” (رواه مسلم)، وعن أبي قتادة -رضى اللُّه عنه- أن النبيَّ (ﷺ) قال: “صيام يوم عرفة أحتسب على اللِّه أن يكفر السنة التيّ قبله والسنة التيّ بعده”.
(رواه مسلم)، وهذا الحديث يدل على فضل صيام يوم عرفة لغير الحاج، إذ أن صيامه يكفر سنتين وهي فرصة عظيمة للمؤمن ليتقرب إلى اللِّه -عز وجل- بصيامه.
أما أعمال يوم عرفة كثيرة منها، الوقوف بعرفة للحجاج وهو ركن الحج الأعظم، كما قال النبيُّ (ﷺ):”الحج عرفة” (رواه الترمذي وصححه الألباني)، فمن فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج ويستحب فيه الإكثار من الدعاء والتضرع، فهو من أفضل مواطن الدعاء، فقد قال النبيُّ (ﷺ):”خير الدعاء دعاء يوم عرفة” (رواه الترمذي)، أما الصيام لغير الحجاج، كما ورد في الحديث السابق، فإن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين وهو من أعظم القربات، كما أن الذكر والدعاء يستحب الإكثار من التهليل والتكبير والتحميد، وخصوصًا التلبية للحاج والدعاء لغير الحاج خاصةً بما أثر عن النبيِّ (ﷺ):”لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”، وأخيرًا الاستعداد ليوم النحر حيث يستعد المسلمون في يوم عرفة ليوم العيد، بالإكثار من الطاعات والاستغفار وتجديد التوبة.
إن يوم عرفة ليس فقط مناسبة للحجاج فحسب؛ بل هو موسم خير وبركة لكلِّ المسلمين، سواء كانوا على صعيد عرفة أو في بلادهم لما فيه من الأجر العظيم والمغفرة والعتق من النار، وهو يوم تتجلى فيه رحمة اللّٰه على عباده، وتتنزل فيه البركات فعلى كلِّ مسلم أن يغتنم هذا اليوم بالطاعات والعبادات، وأن يسعى فيه للتقرب من اللِّه -تعالى- بصدقٍ وإخلاص.