زواج النبي(ﷺ) من السيدة خديجة رضى الله عنها نموذج للمودة والدعم

كتبت: دعاء سيد

زواج النبي(ﷺ) من السيدة خديجة بنت خويلد -رضى اللُّه عنها- كان من أبرز المحطات التيّ أضاءت حياة النبيّ (ﷺ) قبل البعثة وبعدها، لقد كان زواجًا متينًا بني على أسس المودة والرحمة، وهو ما وصفه اللُّه -سبحانه وتعالى- في قوله -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: 21).

كانت السيدة خديجة -رضى اللُّه عنها- تُعرف في قريش بلقب “الطاهرة”، واشتهرت بحكمتها وعقلها الراجح، وكانت تاجرة مرموقة، عندما عرف النبيُّ(ﷺ) أخبار حسن خلقها وأمانتها، عمل معها في تجارتها، وأعجبت بما رأت منه من صدقٍ وأمانة، فعرضت عليه الزواج، تزوج النبيُّ(ﷺ) السيدة خديجة وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وكانت هي في الأربعين، رغم فارق العمر كان زواجهما مليئًا بالتفاهم والانسجام، مما يعكس دور التوافق النفسي والروحي في بناء الأسرة الناجحة.

لعبت السيدة خديجة -رضى اللُّه عنها- دورًا عظيمًا في دعم النبيِّ(ﷺ)، خاصةً في أصعب المراحل، عندما جاءه الوحي لأول مرة، عاد إلى بيته مضطربًا وقال(ﷺ): “زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي”، فطمأنته السيدة خديجة بكلماتها الرقيقة، قائلة: “كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ” (رواه البخاري)، لم تكتفِ السيدة خديجة بالكلام؛ بل كانت أول من آمن بالنبيِّ(ﷺ) ودعمه في نشر الدعوة، وأعطته من مالها لمساندة الرسالة.

كانت السيدة خديجة -رضى اللُّه عنها- تحظى بمنزلةٍ عظيمة عند اللِّه ورسوله، قال النبيُّ (ﷺ): “أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم” (رواه الترمذي)، وفي إحدى المرات، جاء جبريل -عليه السلام- إلى النبيِّ(ﷺ) وقال: “يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك بإناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب” (رواه البخاري).

العلاقة بين النبيِّ(ﷺ) والسيدة خديجة -رضى اللُّه عنها- مثال للتكامل والدعم المتبادل بين الزوجين، حيث كان كل منهما عونًا للآخر، وظل النبيُّ(ﷺ) يذكر السيدة خديجة بالخير بعد وفاتها، مما يعكس أهمية الوفاء في العلاقات الزوجية، حيث كانت السيدة خديجة نموذجًا للمرأة المؤمنة التيّ تضحي بمالها وراحتها في سبيل اللِّه.

كان زواج النبيّ(ﷺ) من السيدة خديجة -رضى اللُّه عنها- محطه عظيمة في حياته، أعانته على مواجهة التحديات وبناء أسس الدعوة الإسلامية، وتبقى حياتهما معًا مصدر إلهام لكلِّ زوجين يسعيان إلى بناء حياةٍ قائمةً على المودة والرحمة والتعاون في طاعة اللِّه -سبحانه وتعالى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *