الثقافة الخضراء… والتغير المناخى

بقلم: عبدالله نورالدين  

مدير النشاط الثقافي بمكتبه القاهرة الكبرى 

يشير تغير المناخ إلى التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس. يمكن أن تكون هذه التحولات طبيعية، بسبب التغيرات في نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبيرة. ولكن منذ القرن التاسع عشر، كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيسي لتغير المناخ ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز،ينتج عن حرق الوقود الأحفوري انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تعمل مثل غطاء ملفوف حول الأرض، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.
تعد ظاهرة الاحتباس الحراري إحدى الظواهر الطبيعية المهة التي ساعدت الكائنات الحية في الاستمرار على وجه الأرض؛ حيث تعمل على تنظيم وتوازن فقد واكتساب الطاقة داخل الغلاف الجوي من خلال وجود عدد من الغازات الطبيعية بالغلاف الجوي وهي: ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروز، والتي تعمل على حبس جزء كبير من الحرارة الناتجة عن امتصاص الكرة الأرضية لأشعة الشمس. وهي عبارة عن أشعة مرئية، تُمتص بواسطة البحار والمحيطات واليابسة فتقوم الأرض بدورها بإصدار أشعة حرارية إلى الغلاف الجوي، ثم تقوم غازات الاحتباس الحراري بحبس أغلب تلك الحرارة داخل الغلاف الجوي.
نتيجة لأنشطة التنمية البشرية؛ وذلك لعدة أسباب: أولها، حرق الوقود الأحفوري من فحم وبنزين ومازوت وغاز وغيرها لإنتاج الطاقة، حيث يُعد حرق الوقود المتسبب الرئيسي حالياً لإصدار الانبعاثات سواء كان استخدم هذا الوقود لإنتاج الكهرباء أو تدوير المحركات الخاصة بالمصانع أو وسائل النقل المختلفة، بالإضافة إلى العمليات الصناعية ودفن المخلفات والتكثيف الزراعي. ثانيها، قطع الغابات التي تخزن الكربون أو ممصات الكربون لإنتاج الأخشاب أو استخدام الأراضي في أنشطة زراعية أو صناعية أو للبناء والتوسع في المدن والطرق. حيث تسببت هذه الأنشطة البشرية في تراكم الانبعاثات الكربونية بكميات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري (يطلق عليها بشرية المنشأ)، فتراكمت بالغلاف الجوي؛ نظراً لعدم تمكن الأنظمة الطبيعية (الأراضي والأشجار والمحيطات) من امتصاصها وتخزينها لزيادتها عن المعدلات الطبيعية
الآثار السلبية للتغيرات المناخية على مصر
زيادة شدة وتكرارية الأحداث الجوية العنيفة حيث تعرض مصر لمجموعة من الظواهر الجوية العنيفة مثل الموجات الحرارية، والعواصف الترابية، والسيول، خاصة خلال العقد الماضي، وهناك دلائل علمية تشير إلى تزايد شدتها وتكراريتها بسبب تغير المناخ؛ حيث أنه بدراسة التغيرات في تواتر الأيام والليالي الباردة، والأيام والليالي الدافئة وُجد أن الليالي الدافئة أصبحت أكثر تواترًا في حين أصبحت الليالي الباردة أقل تواترًا في جميع أنحاء المنطقة. وفيما يتعلق بالتغير في هطول الأمطار، لوحظ اتجاه متناقص في جميع أنحاء البلاد باستثناء منطقة البحر الأحمر. وبصفة عامة، يبين تحليل الاتجاهات أن مؤشرات درجات الحرارة الشديدة تتغير نحو الاحترار، بينما يتناقص معدل هطول الأمطار.
كما يعد ارتفاع منسوب مستوى سطح البحر وتأثيراته على المناطق الساحلية، خاصة المناطق المنخفضة منها على السواحل الشمالية لجمهورية مصر العربية
تتوقع زيادة مستوى سطح البحر بمقدار 100 سم حتى عام 2100 مع الأخذ في الاعتبار هبوط الأرض في الدلتا، مما يتسبب في دخول المياه المالحة على المياه الجوفية، مما يؤدى إلى تلوثها وتملح التربة وتدهور جودة المحاصيل وفقدان الإنتاجية.
كما يؤدي ارتفاع درجة حرارة مياه البحر إلى تغير نوعية المياه في البحيرات الشمالية، مما يؤثر على الثروة السمكية بهذه البحيرات،وتتسبب زيادة تركيزات وانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في زيادة حمضية مياه البحار والمحيطات (pH) مما يؤثر على نوعية وكمية الأسماك. كما تتعرض المناطق الساحلية للأحداث الجوية العنيفة مثل العواصف البحرية والسيول، وتؤدي الخسائر الاقتصادية، ونقص الوعي إلى تغيير النشاط الاقتصادي للصيادين والقوى العاملة في المناطق الساحلية.
زيادة معدلات التصحرتدهورالأراضي بالأقاليم القاحلة وشبه القاحلة والجافة نتيجة عوامل متعددة تتضمن التغيرات المناخية والأنشطة البشرية». وتعد مشكلة التصحر واحدًا من أهم التحديات البيئية التي تعاني منها مصر؛ حيث تصنف مصر من أكثر الدول معاناة من المشكلة؛ وذلك وفقًا لإحصائيات السكرتارية التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، والتي تؤكد أيضًا أن هناك 3.5 فدان تتعرض للتصحر كل ساعة، وهو أمر يعد شديد الخطورة، خاصة وأن المساحة الزراعية محدودة، وتمثل فقط نحو 4 % من مساحة مصر.
تأثر جودة الأراضي وتدهور الإنتاج الزراعي وتأثر الأمن الغذائيارتفاع درجات الحرارة، وتغيير أنماط هطول الأمطار سوف تؤثر على إنتاجية المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الفقر والمخاطر وإلى خسائر في سبل العيش
تأثر الموارد المائية وزيادة معدلات شح المياهيعتبر نهر النيل المصدر الرئيسي للمياه؛ حيث يقدم حوالي 95 % من الاحتياجات المائية لمصر، يليه الأمطار الموسمية والتي تتساقط على سواحل مصر الممتدة شمالاً وشرقاً، ثم المياه الجوفية، وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي المعالجة. ومازال هناك عدم يقين واضح في التنبؤات المناخية المستقبلية حول احتمالية زيادة أو انخفاض إيراد نهر النيل. ومن المتوقع أن يزيد الطلب على المياه بزيادة عدد السكان
تؤثر التغيرات المناخية بشكل مباشر على الصحة عند الأحداث الجوية العنيفة كالعواصف، والفيضانات، وارتفاع درجات الحرارة، أو بشكل غير مباشر من خلال التغيرات الحيوية لمدى انتشار الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات كالملاريا وغيرها ومسببات الأمراض التي تنقلها المياه كالبلهارسيا وغيرها وجودة الهواء وانتشار الالتهاب السحائي، وجودة وإتاحة المياه، والغذاء الصحي، وعلاقته بأمراض سوء التغذية خاصة لدى الأطفال تحت سن 5 سنوات.

تدهور السياحة البيئيةاحتمالية تأثر هذا القطاع بالتغيرات المناخية؛ حيث من المتوقع نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر حدوث عدد من التأثيرات المباشرة على الاستثمارات والمنشآت السياحية، مثل تآكل أجزاء من الشواطئ الرملية في المناطق الشمالية. كما قد تتأثر الشعاب المرجانية نتيجة ارتفاع درجة حرارة مياه البحار أو هجرة أنواع من الكائنات الحية إلى أماكن تواجدها مؤدية إلى ابيضاضها وفقدها للألوان المميزة لها، والتي تجذب السياح لمشاهدتها.
ومن المحتمل أيضاً أن تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على ألوان وعمر الآثار والمنشآت التاريخية المختلفة مما يؤثر على جودتها وبالتالي على أعداد الزائرين لمشاهدتها. كما يتوقع أن يؤثر تغلغل المياه المالحة في المناطق الساحلية المنخفضة على الآثار المدفونة في المناطق الساحلية مما يؤدي إلى زيادة معدل تدهورها.
سياسات وآليات التصدي لآثار التغيرات المناخية ونشر الثقافة الخضراء
انشروا الوعي شجعوا أصدقاءكم وعائلاتكم وزملاءكم في العمل على تقليل التلوث الكربوني وكذلك التوعية من مخاطر التغيرات المناخية قوموا بتحويل وسائل نقلكم يعتبر قطاع النقل مسؤولا عن حوالي ربع جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. تقوم العديد من الحكومات، في جميع أنحاء العالم، بتنفيذ سياسات لإزالة الكربون من وسائل النقل،أنتم أيضا يمكنكم المساهمة في ذلك: اتركوا سياراتكم في المنزل وامشوا أو اركبوا الدراجات الهوائية كلما أمكن ذلك،سيطروا على استخدام الطاقة إذا استطعتم، قوموا باستبدال مزود الطاقة إلى مزود خال من الكربون أو يعمل بالطاقة المتجددة،قوموا بتركيب الألواح الشمسية على أسطح منازلكم. كونوا أكثر فاعلية: اخفضوا التدفئة بدرجة أو درجتين، إن أمكن، أوقفوا تشغيل الأجهزة والأضواء، في حال عدم استخدامها، ومن الأفضل شراء المنتجات الأكثر كفاءة في المقام الأول. استخدموا عازلا للسقف بحيث يكون المنزل أكثر دفئا في الشتاء، وأكثر برودة في الصيف، وسيسهم ذلك في توفير بعض المال أيضا.
عدلوا نظامكم الغذائي تناولوا المزيد من الوجبات النباتية – ستشكركم أجسامكم وسيشكركم كذلك كوكب الأرض. اليوم، يتم استخدام حوالي 60 في المائة من الأراضي الزراعية في العالم لرعي الماشية ويستهلك الناس في العديد من البلدان أغذية من مصادر حيوانية أكثر مما هو صحي، يمكن أن تساعد النظم الغذائية الغنية بالمنتجات النباتية في تقليل الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب، تسوقوا محليا واشتروا منتجات مستدامة لتقليل البصمة الكربونية في طعامكم، قوموا بشراء الأطعمة المحلية والموسمية. سيساعد ذلك الشركات الصغيرة والمزارع في منطقتكم وسيسهم في تقليل انبعاثات الوقود الأحفوري المرتبطة بالنقل وتخزين سلسلة التبريد.تستخدم الزراعة المستدامة طاقة أقل بنسبة تصل إلى 56 في المائة، وتنتج انبعاثات أقل بنسبة 64 في المائة وتسمح بمستويات أكبر من التنوع البيولوجي مقارنة بالزراعة التقليدية. يمكنكم فعل أكثر من ذلك من خلال زراعة الفاكهة والخضروات والأعشاب بأنفسكم. يمكنكم زرعها في حدائقكم أو في شرفة منازلكم. قوموا بإعداد حديقة مجتمعية في منطقتكم بغرض إشراك الآخرين.
لا تهدروا الطعام يتم فقدان أو هدر ثلث الطعام المنتج. وفقا لتقرير مؤشر نفايات الأغذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2021، يهدر الناس، على مستوى العالم، مليار طن من الطعام سنويا، وهو ما يمثل حوالي 8-10 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.
تجنبوا الهدر بشراء ما تحتاجونه فقط. استفيدوا من كل جزء صالح للأكل من الأطعمة التي تشترونها. قوموا بقياس أحجام حصص الأرز والسلع الأساسية الأخرى قبل طهيها، وخزنوا الطعام بشكل صحيح (استخدموا ثلاجة المجمد أو الفريزر إذا كانت لديكم واحدة)، وكونوا مبدعين في التعامل مع بقايا الطعام، وشاركوا ما يزيد عن حاجتكم مع الأصدقاء والجيران، تبنوا مشروعا محليا لمشاركة الطعام،استخدموا المخلفات غير الصالحة للأكل في صناعة السماد لتخصيب حدائقكم. يعتبر التسميد أحد أفضل الخيارات لإدارة النفايات العضوية مع تقليل الآثار البيئية أيضا.
ارتدوا ملابس ذكية بيئيا لا يمكننا يمكننا تغيير هذا النمط من السلوك من خلال شراء عدد أقل من الملابس الجديدة وارتدائها لفترة أطول. ابحثوا عن المنتجات المستدامة واستعينوا بخدمات التأجير للمناسبات الخاصة بدلا من شراء ملابس جديدة سيتم ارتداؤها لمرة واحدة فقط. قوموا بإعادة تدوير الملابس التي تحبونها وإصلاحها عند الضرورة. تسهم صناعة الأزياء بنحو 10 في المئة من الإجمالي العالمي لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتنتج نحو 20 في المئة من مياه الصرف عالميا، وتستهلك كمية من الطاقة تفوق ما يستهلكه قطاعا الطيران والنقل البحري معا

ازرعوا الأشجار في كل عام يتم تدمير ما يقرب من 12 مليون هكتار من الغابات. وتعد إزالة الغابات، إلى جانب الزراعة والتغيرات الأخرى في استخدام الأراضي، مسؤولة عما يقرب من 25 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. يمكننا جميعا أن نلعب دورا في عكس هذا الاتجاه من خلال زراعة الأشجار، إما بشكل فردي أو كجزء من مجموعة
ركزوا على استثمارات صديقة للكوكب يمكن للأفراد أيضا تحفيز التغيير من خلال مدخراتهم واستثماراتهم عن طريق اختيار المؤسسات المالية التي لا تستثمر في الصناعات الملوثة للكربون،ويرسل ذلك إشارة واضحة إلى السوق. وهناك العديد من المؤسسات المالية تقدم بالفعل المزيد من الاستثمارات الأخلاقية، مما يسمح لكم باستخدام أموالكم لدعم القضايا التي تؤمنون بها وتجنب تلك التي لا تؤمنون بها. يمكنكم الاستفسار من مؤسساتكم المالية عن سياساتها المصرفية.
اجعلوا القضية قضيتكم قوموا بالحديث لكل الناس عن اخطار التغير المناخى كلما سنحت لكم الفرصة اجعلوها قضية لها اهتمام خاص فى حياتكم وعملكم ومدرستكم انشر الثقافة الخضراء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *